دلائل الإعجاز العلمي في القرآن الكريم من اكتشافات العصر
Evidence of scientific miracles in the Holy Quran from the recent discoveries of the era
استخلف الله جل وعلا بني آدم في الأرض ليعمروها بطاعته ، فكان منهم المحسن والمسيئ ، ومن ظهرانيهم من اصطفاه الله تعالى على سائر خلقه برسالة النبوة ثم اصطفى الله تعالى الرسل أصحاب الكتب السماوية من سائر الأنبياء ثم اصطفى من الرسل محمدًا (صلى الله عليه وسلم) خاتم الأنبياء وسيد ولد آدم إلى يوم الدين ، وما بعث الله الأنبياء إلا كانت الحاجة لإقامة الحجة والبرهان على من بدّل و انحرف عن مسار توحيد الربوبية والألوهية ، فكان أول من أشرك وكفر على الأرض قوم نوح عليه السلام فهم أول من بدّلوا وحرفوا وجعلوا من تماثيل صُنِعَت لعبادِ الله الصالحين آلهةً تُعبَدْ من دون الله (وَقَالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُوَاعًا وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا) [ الآية 23 – سورة نوح ] ، فحينها أرسل الله تعالى الأنبياء إلى قومهم تباعًا يدعونهم إلى عبادة الله وحده لاشريك له ، وما أرسل الله نبيّ يدعو قومه إلى التوحيد إلا بمعجزة قومه في زمانه ، فبعث الله نوح عليه السلام بمعجزة قومه الحرفية آنذاك فكان أول من صنع الفلك ( السفن ) في التاريخ (وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ قَالَ إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ) [ الآية 38 – سورة هود ] ، وكان قوم صالح عليه السلام ميّزَهم الله تعالى بالقوة في بيئتهم الصحراوية لدرجة أن تصل قدرتهم على نحت بيوتهم من الجبال فكانت معجزة صالح عليه االسلام الناقة التي شقت طريقها بالخروج من صخر الجبال فهى معجزة الله تعالى لقوم ثمود (وَيَا قَوْمِ هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ قَرِيبٌ) [ الآية 64 – سورة هود ] ، وبرع بنو إسرائيل في عهد موسى عليه السلام بالسحر فكانت حينها معجزتيّ العصا و اليد وما تبع ذلك من إيمان السحرة (فَأَلْقَىٰ مُوسَىٰ عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ (45) فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ (46) قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (47) ) [ الآيات 45-47 – سورة الشعراء ] ، وكان بنو إسرائيل في زمن عيسى عليه السلام بارعين في الطب فكانت معجزة عيسى عليه السلام إحياء الموتى وإبراء الأكمه والأبرص (إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَىٰ وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدتُّكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا ۖ وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنجِيلَ ۖ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي ۖ وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِي ۖ وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتَىٰ بِإِذْنِي ۖ وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَنكَ إِذْ جِئْتَهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ إِنْ هَٰذَا إِلَّا سِحْرٌ مُّبِينٌ) [ الآية 110 – سورة المائدة ] .
أما وإن كان من الأقوام السابقة أن بدّلوا وحرفوا ما أنزل الله تعالى من الكتب السماوية السابقة ؛ فأنزل الله كتابًا شاملًا لكل ما سبقه متكاملًا لمن يكتمل خُلُقِه ؛ رحمةً للعالمين كافة (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ) [ الآية 107 – الأنبياء] ؛ متعهدًا بحفظه من التبديل والتحريف عن ما سبقه من الكتب السماوية (إنا نحن نزلنا الذكرَ وإنا له لحافظون) (الآية 9 – سورة الحجر) ، فمن صحراء الجزيرة العربية في أم القرى “مكة المكرمة” حيثُ منبع وبيان اللغة العربية و مكان مولدها الأصيل ؛ بعث الله لنا خاتم الرسل محمدًا صلى الله عليه وسلم بالمعجزة الخالدة إلى يوم الدين ألا وهو القرآن الكريم ؛ أنزله الله تعالى عليه في ثلاث وعشرين سنة مُتحديًا أهل البلاغة والفصاحة من العربِ أجمع أن يأتوا بسورةٍ من القرآن (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ ۖ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ) [ الآية 38 – سورة يونس ] ، وتحدى الله تعالى المشركين من الجن والإنس أن يأتوا بمثل هذا القرآن سواءًا كانوا فرادى أو مجتمعين إن كانوا يزعمون أن محمدًا صلى الله عليه وسلم يؤلفه (قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَىٰ أَن يَأْتُوا بِمِثْلِ هَٰذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا) [ الآية 88 – سورة الإسراء ] ، فجعل الله لنا في القرآن آياتٍ معجزات لمن يتفكر في الكون وخلق السماواتِ والأرض ولا يزال الإنسان يكتشف الجديد منها ، وكذلك تحديات البيان والفصاحة ، والترغيب والترهيب بالجنةِ والنار ، وتشريعات أحكام الإسلام ، وقصص الأمم الغابرة للسلوى والعبرة ، وفي السطور القادمة سنذكرُ شيئًا يسيرًا من دلائل الإعجاز في القرآن الكريم لأننا لا نستطيع مهما تقدم العلمْ أنْ نبلغ حصرها أبدًا.
- مصطلح “المعجزة” (The Definition of a miracle):
المعجزة هي أمر خارق للعادة ، مقرون بالتحدي ، سالم من المعارضة ، يظهره الله على يد رسله . وسنة الله تعالى في معجزات أنبيائه كما أسلفنا أن تكون المعجزة من جنس المشهور عند قومهم.
- أهمية الإعجاز في القرآن الكريم ( The importance of scientific miraculousness of the Holy Quran):
- إقامة الحجة والبرهان على جميع عباد الله.
- هيمنة القرآن على الآيات العلمية واللغوية والتشريعية والغيبية وغيرها.
- التركيز على الأوامر والنواهي واستنباط الحكمة من القرآن.
- زيادة التوسع في فهم آيات القرآن وتجديد أسلوب وبيئة الدعوة الإسلامية.
- الوصول إلى الحقائق الكونية واكتشافها عن طريق القرآن.
- تمييز الدراسات المختصة بأنواع الإعجاز في علوم القرآن.
- إلقاء الضوء على القصص الإنسانية من حيوات الأمم الغابرة وأخذ العِظَة والعبرة.
- الإعجاز العلمي في القرآن الكريم ( Scientific Miracles in the Holy Quran):
إن الحقائق العلمية التي جاءت في القرآن الكريم لا يستطيع أحد من البشر مهما اتسعت مداركه أن يحيط بها علمًا ، فكيف إذا جاءت هذه الحقائق على لسان رجل أُمِّيّ عاش قبل ألف وربعمائة سنة ؛ فذلك دليلٌ قاطع أن القرآن مُعجِز مُحْكَم مُنزَّلٌ من عند الله تعالى (قُلْ أَنزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا) [ الآية 6 – سورة الفرقان ] ، ومن اللطائف العلمية التي ظهرت في العصر الحديث وأثبتها القرآن الكريم سابقًا :-
- إثبات كروية الأرض ، قال تعالى (خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ ۖ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ ۖ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ ۖ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُّسَمًّى ۗ أَلَا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ) [ الآية 5 – سورة الزمر ].
- إثبات نظرية الانفجار العظيم وبداية نشأة الكون ، قال تعالى (أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا ۖ وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ ۖ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ) [ الآية 30 – سورة الأنبياء ].
- الدليل الحاسم على البصمة الوراثية للإنسان واختلاف البشر فيما بينهم وهو ما أثبتته العلوم الطبية خاصة علم الطب الشرعي حديثًا ، قال تعالى (بَلَىٰ قَادِرِينَ عَلَىٰ أَن نُّسَوِّيَ بَنَانَهُ) [ الآية 4 – سورة القيامة ].
- إثبات نقص الأكسجين عند انخفاض الضغط الجوي في المرتفعات العالية عن سطح الأرض ، قال تعالى (فَمَن يُرِدِ اللَّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ ۖ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ ۚ كَذَٰلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ) [ الآية 125 – سورة الأنعام ].
- الإعجاز العلمي في خلق الجنين وإحاطته بالظلمات الثلاث التي لم يتم اكتشافها إلا في القرن العشرين ألا وهي ظلمة جدار البطن وظلمة جدار الرحم وظلمة المشيمة بأغشيتها ، قال تعالى (خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَأَنزَلَ لَكُم مِّنَ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ ۚ يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِّن بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ ۚ ذَٰلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ ۖ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ۖ فَأَنَّىٰ تُصْرَفُونَ) [ الآية 6 – سورة الزمر ].
وهناك العديد من المعجزات العلمية التي لا يزال يتم اكتشافها إلى الآن.
- الإعجاز البياني في القرآن الكريم ( Rhetoric Miracles in the Holy Quran):
ما كان من العرب وهم أهل البلاغة والأدب إلا أن يأتيهم القرآن بإعجازٍ من عند الله تعالى فلا يستطيعون إليه سبيلًا ، وقد تحدى الله المشركين أن يأتوا بمثل بيان القرآن أو حتى بعشر سورٍ منه أو حتى بسورةٍ واحدة منه سواءًا كانوا فُرادى أو جماعات ، واشتمل القرآن على الكثير من الصور البيانية حقيقية كانت أو مجازية وذلك للاعتبار بما في الأقوام السابقة ، فنظم القرآن مُحكم لن يستطع أحد تبديله أبدًا لما فيه من دقة المعاني وجمال اللفظ والترابط بين الآيات ، بل إن حتى المشركين شهدوا للقرآن بإعجازه ولم يؤمنوا استكبارًا ؛ فعندما سأل المشركون “الوليد بن المغيرة” عن القرآن أجابهم بقوله : “إن لقوله الذي يقول حلاوة ، وإن عليه لطلاوة ، وإنه لمثمر أعلاه ، مغدق أسفله ، وإنه ليعلو وما يُعلى ، وإنه ليحطم ما تحته” (حديث صحيح الإسناد على شرط البخاري والذهبي ولم يخرجاه) ، ومن صور الإعجاز البياني في القرآن : قوله تعالى (وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ أُمِّ مُوسَىٰ أَنْ أَرْضِعِيهِ ۖ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي ۖ إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ) [ الآية 7 – سورة القصص ] حيث اشتملت الآية على أمرين ونهيين وخبرين وبشارتين ، ومن الاعجاز اللغوي في القرآن الكريم أيضًا تكرار كلمة شهر اثنتيّ عشرةَ مرة دلالة على شهور السنة ؛ قال تعالى (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ ۚ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ ۚ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً ۚ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ) [ الآية 36 – سورة التوبة ].
- الإعجاز الغيبي في القرآن الكريم ( The Unseen Miracles in the Holy Quran):-
اختص الله وحده بعلم الغيب إلى يوم الدين ، وانقسمت الأخبار الغيبية في القرآن الكريم إلى :
- ما يتعلق بالماضي البعيد : مثل قصص الأنبياء مع الأمم السابقة وبدء خلق السماوات والأرض وهي أخبار لم يتطلع عليها أحدٌ من الخلق إلا عن طريق القرآن ، قال تعالى (تِلْكَ مِنْ أَنبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ ۖ مَا كُنتَ تَعْلَمُهَا أَنتَ وَلَا قَوْمُكَ مِن قَبْلِ هَٰذَا ۖ فَاصْبِرْ ۖ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ) [ الآية 49 – سورة هود].
- ما حدث من أمور في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكنه لم يعلم بها ، مثل ما كان يحيكه المنافقون واليهود ضد رسول الله صلى الله عليه وسلم قال تعالى : (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِن قُلُوبُهُمْ ۛ وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا ۛ سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ ۖ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِن بَعْدِ مَوَاضِعِهِ ۖ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَٰذَا فَخُذُوهُ وَإِن لَّمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا ۚ وَمَن يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَن تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا ۚ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَن يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ ۚ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ ۖ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ) [ الآية 41 – سورة المائدة ].
- أمور غيبية أخبر الله عن وقوعها في المستقبل وهي تنقسم إلى :
- ما حدث في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل تغلُب الإمبراطورية الرومانية على الإمبراطورية الساسانية بعد أن هزموهم ، قال تعالى (آلم (1) غُلِبَتِ الرُّومُ (2) فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (3) فِي بِضْعِ سِنِينَ ۗ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ ۚ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (4) بِنَصْرِ اللَّهِ ۚ يَنصُرُ مَن يَشَاءُ ۖ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (5)) [ الآيات 1-5 -سورة الروم ].
- ما أخبر عنه القرآن ووقع بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل الخلافة العاضدة للدول الإسلامية في الأرض ، قال تعالى (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ۚ يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا ۚ وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) [ الآية 55 – سورة النور ].
أحداث لم تقع بعد وأخبر عنها القرآن مثل يوم القيامة وما يسبقه من علامات في اختلال الكون وغيرها من العلامات الأخرى ، قال تعالى (وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِّنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ) (الآية 82 – سورة النمل).
- الإعجاز التشريعي في القرآن الكريم ( Legislative Miracles in the Holy Quran):
لا يخفى على الباحثين في الدراسات الإسلامية أن القرآن الكريم منه ما أُنْزِلَ في مكة والمدينة ، فما أُنْزِلَ في مكة كانت آيات الترغيب والترهيب بالجنة والنار في بداية الدعوة الإسلامية لكن ما إن استقرت بداية الدولة الإسلامية في المدينة المنورة أَنْزَل الله تعالى أحكام التشريعات في الدين الإسلامي ، ومن التشريعات ما هو ناسخ لتشريعات منسوخة قبلها في القرآن فمثلًا قد حرم الله تعالى الخمر على ثلاث مراحل حتى تم تحريمه نهائيًا ؛ قال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنتُمْ سُكَارَىٰ حَتَّىٰ تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّىٰ تَغْتَسِلُوا ) [ الآية 43 – سورة النساء ] ثم قوله تعالى (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ ۖ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا) [ الآية 219 – سورة البقرة ] ثم قوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) [ الآية 90 – سورة المائدة ] ، فالتشريعات التي أنزلها الله تعالى مناسبة لكل الأزمنة والمجتمعات ، فمنها الهدايات المتعلقة بالعقائد العبادية مثل الصلاة ، والهدايات المتعلقة بالتشريعات لتنظيم أمور المجتمع مثل علم المواريث ، والأخلاق التي تعتبر ثمرة العقيدة ، فلا يمكن لإنسان أُمِيّ أن يأتي بمثل هذه الهدايات الشاملة في شتى شؤون الحياة من عند البشر فذلك من دلائل إعجاز القرآن الكريم أنه من عند الله وحده ، قال تعالى (وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ) [ الآية 6 – سورة النمل].
وهذا ما تيسر لنا تسطيره هنا من علوم القرآن التي لا تنضب أبدًا مِصداقًا لقوله تعالى (قُل لَّوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِّكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا) [ الآية 109 – سورة الكهف ]. جعلنا الله و إياكم من أهل القرآن و هدانا لفهم معانيه و تطبيق آياته في حياتنا.