يعتبر الارتباط الكبير للبشر بمواقع التواصل الاجتماعي مشكلة حديثة العهد. ولا توجد أرقام إحصائية دقيقة تعبر عن نسبة الأشخاص المنغمسين في هذا التصفح والنشاط الافتراضي نظراً لشيوع هذه الظاهرة، ولعدم وجود آلية معينة لتحديد الدرجة المرضية التي يمكن عندها اعتبار استخدام وسائل التواصل الاجتماعي مرضاً حقيقياً. فهل وصل الأمر حقاً إلى حد الإدمان؟
ما هو إدمان وسائل التواصل الاجتماعي What is Social Media Addiction؟
يعتبر إدمان وسائل التواصل الاجتماعي اضطراباً سلوكياً ذو طبيعة اعتمادية. يتجلى بكون الفرد مأخوذاً بشكل مفرط بوسائل التواصل (فايسبوك، إنستغرام، واتساب، سناب شات، تويتر، تيك توك ..). مع قضائه وقتاً كبيراً جداً في تصفحها لدرجة تضر بالمساحات الأخرى في حياته.
مظاهر إدمان وسائل التواصل الاجتماعي Social Media Addiction Characteristics:
يشابه إدمان وسائل التواصل إلى حد كبير إدمان المواد المخدرة. بما في ذلك:
- قدرتها على تحسين المزاج والحالة الشعورية
- الانشغال السلوكي والعاطفي
- التحمل Tolerance (ويعني زيادة مضطردة في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي مع مرور الوقت)
- الأعراض الانسحابية Withdrawal Symptoms (حيث يؤدي الإيقاف المفاجئ لاستخدام وسائل التواصل إلى حالة من عدم الراحة الجسدية والنفسية)
- النكس أو الارتداد Relapse (ويعني عودة الشخص السريعة إلى الاستخدام المفرط لوسائل التواصل بعد محاولته الانقطاع عنها لفترة من الزمن)
الآلية المفسرة لإدمان وسائل التواصل الاجتماعي Mechanism of Social Media Addiction:
يمكن أن تعزى ظاهرة إدمان وسائل التواصل الاجتماعي إلى حالة فرط إفراز الدوبامين التي يتسبب بها تصفح هذه المواقع. وقد لاحظ العلماء من خلال التجارب أن هذا الإدمان ذو تأثير مماثل لتعاطي المخدرات والمشروبات الروحية من خلال تحفيز دارة المكافأة Reward Pathway .
حيث تبين أن تلقي الشخص لإشعار Notification على أحد هذه المنصات يسبب إنتاج دفقة من الدوبامين، ليتولد بالنتيجة الإحساس بالنشوة والسرور. وبما أنه يمكن لوسائل التواصل الاجتماعي أن تؤمن للشخص كمية غير متناهية من المكافآت على هيئة الشعور بالأهمية والاستحواذ بمقابل جهد لا يذكر، فعندها تتعزز هذه الدارة بشكل إيجابي، ويطلب الدماغ مزيداً من الإشعارات والتفاعلات.
متى يصبح الأمر خطيراً When It Becomes Problematic؟
يتجاوز استخدام وسائل التواصل الاجتماعي الحد المقبول حين يتحول إلى آلية تأقلمية يتم اللجوء إليها لتخفيف الشعور بالتوتر والشدة النفسية، الوحدة، أو الاكتئاب. وكذلك حين يتسبب الاستخدام المفرط باضطراب العلاقات الحقيقية، أو بتراجع الأداء الدراسي والمهني,
تقييم إدمان وسائل التواصل الاجتماعي Recognizing a Social Media Addiction:
ويتم من خلال الإجابة على الأسئلة التالية:
- هل أمضي وقتاً طويلاً في التفكير أو التخطيط لتصفح وسائل التواصل الاجتماعي؟
- هل أشعر بحاجة متزايدة لتصفح وسائل التواصل الاجتماعي؟
- هل أنغمس في تصفح وسائل التواصل الاجتماعي لدرجة تناسي المشكلات الشخصية؟
- هل حاولت مراراً الإقلاع عن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي دون جدوى؟
- هل يراودني شعور سيء حين تعذر وصولي إلى وسائل التواصل الاجتماعي؟
- هل لاستخدامي وسائل التواصل الاجتماعي أثر سلبي على أدائي الدراسي أو الوظيفي؟
وفي حال الإجابة على أكثر من ثلاثة أسئلة بـ “نعم”، يرجح عند ذلك وجود إدمان وسائل التواصل الاجتماعي.
التأثيرات النفسية لوسائل التواصل الاجتماعي Social Media and Mental Health:
غالباً ما تتسبب وسائل التواصل الاجتماعي في إلحاق الضرر بالصحة النفسية من خلال ضعف تقدير الذات، الانعزال والشعور بالوحدة، الغيرة والمقارنة والتي تؤدي إلى الشعور بالتعاسة وعدم الرضا والاكتئاب.
كما تعتبر ظاهرة “الخوف من فوات أي شيء Fear Of Missing Out (OFMO) “من التأثيرات النفسية المهمة التي تزيد الحاجة لتصفح وسائل التواصل الاجتماعي. حيث تتجلى بتخوف الشخص من أن يفوته أي حدث اجتماعي كدعوة إلى حفل مثلاً بنتيجة عدم توفره أو غيابه لفترة من الزمن عن هذه المنصات. تدفع ظاهرة OFMO الشخص إلى التحقق المستمر من حساباته وبشكل مبالغ فيه في أماكن الدراسة أو الاجتماعات أو العمل.
الحلول المقترحة Suggested Solutions:
وتعتمد بشكل أساسي على الوعي بالمشكلة وحسن إدارة وضبط الذات للتمكن من تخفيف استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، واستعادة القدرة على التركيز وإتاحة وقت أكبر للحياة في العالم الحقيقي. ومنها:
- المعالجة النفسية السلوكية Cognitive behavioral therapy
- تفعيل حملات التوعية والدعم الاجتماعي
- حلول ذاتية مساعدة: إيقاف أصوات الإشعارات، تخصيص وقت محدد لتفقد الحسابات (مرة في الساعة مثلاً)، ترك الهاتف المحمول في غرفة منفصلة وخاصة في وقت الدراسة أو العمل، استخدام المؤقتات وتطبيقات حجب الشبكة، ووضع الجهاز بعيداً عن متناول اليد حين الذهاب إلى السرير.