الفرق بين التعليم في الدول المتقدمة و الدول النامية
Education in developed countries versus education in developing countries
دعا الله عز وجل الإنسان إلى التعلم والتفكر فأول ما أنزله الله تعالى في ديننا الحنيف كان قوله تعالى (اقرأ باسم ربك الذي خلق) [الآية 1 – سورة العلق] ، ومدح الله تعالى العلماء بقوله تعالى (إنما يخشى الله من عباده العلماء إن الله عزيزٌ غفور) [ الآية 28 – سورة فاطر] فـ العلماء هم أهل التقوى والفضل عند الله تعالى إن عَمِلُوا بما علمهم الله ، بل لك أن تعلم -عزيزي القارئ- أن الله جل وعلا ما فضل بني آدم على الملائكة إلا بالعلم قال تعالى (وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين) [ الآية 31 – سورة البقرة] ، وما أن ختم الله رسالاته بالقرآن الكريم و ختم أنبيائه بسيد المرسلين محمدًا صلى الله عليه وسلم لم يجعل للبشرية أُنَاسٌ يُفَقِهون الناس في أمور دينهم ودنياهم إلا العلماء فهم ورثة الأنبياء مصداقًا لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (من سلك طريقًا يطلب فيه علمًا ، سَلَكَ الله به طريقًا من طُرُق الجنة ، وإن الملائكة لتضع أجنحتها رِضًا لطالبِ العلم ، و إن العالِمَ ليستغفر له من في السماوات ومن في الأرض والحيتان في جوف الماء ، وإن فضل العالِمْ على العابِدْ كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب ، وإن العلماء ورثة الأنبياء ، وإن الأنبياء لم يُوَرِّثُوا دينارًا ولا درهمًا ، وإنما ورَّثوا العلم فمن أخذهُ أخذَ بِحَظٍ وافِرْ) رواه أبو داود . وذمَّ الله من لا يؤتي العلم حقه ولا فضله ، وتوعد الله أشد الوعيد من يكون على بينةٍ من العلم ويجحدُه ويكتُمُهُ عن الناس قال تعالى (إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البيناتِ والهدى من بعد ما بيناهُ للِناسِ في الكتابِ أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون) [الآية 159 – سورة البقرة] ، وبالعقل الذي ميّزَ اللهُ تعالى بهِ الإنسان عن باقي المخلوقات دعاه للتفكر في آيات الكون وخلق السماوات والأرض ، فمن عبادات النبي محمد صلى الله عليه وسلم قبل نزول القرآن كانت عبادة التفكر والتأمل بتحنُثِهِ في غار حِرَاء ، ومدح اللهُ سبحانه من يمتثل لعبادة التفكر والتأمل بقوله تعالى (الذين يذكرون الله قيامًا وقعودًا وعلى جُنُوبِهِمْ ويتفكرون في خلقِ السماواتِ والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلًا سبحانك فقنا عذاب النار) [الآية 191 – سورة آل عمران] ، وبالنظر في القرآن الكريم نجد الكثير من نهايات الآيات تنتهي بدعوات لإعمال العقل و الفكر والتعلم (لعلهم يعقلون) و (لعلهم يتفكرون) و (لعلهم يعلمون) ، ولما كان الإنسان جنينًا في رحِمِ أمه يولد على الفطرة لا يفقه من العِلمِ شيئًا ، فيصبح المولود بحاجة إلى معلم يُكْسِبْهُ اللغة والعادات والسلوكيات التربوية الأساسية في الحياة حينها تصبح الأم المعلم الأول للطفل فهي من تضع حجر بناء أساسيات التعليم في حياة طفلها وتحديدًا حتى عُمْرْ 6 سنوات ، و لتنمو الدول وتتقدم باقتصادها وتُسَطِرْ ذِكرها في كتب التاريخ كانت الحاجة لبناء أُسس ونُظُم تعليمية تُساهم في تنشئة أجيال صالحة للمستقبل ، فتم إنشاء التعليم العام بما يشمله من مراحل التعليم النظامي من الإبتدائية إلى المرحلة الجامعية ، وبعد أن زاد التقدم التكنولوجي كانت هناك الحاجة أكبر إلى التعليم لمواكبة التقدم فتم إنشاء فصول أكبر لمحو الأمية لدى مختلف الفئات العمرية في شعوب الدول النامية فتم إنشاء تعليم غير نظامي ذا طابع حكومي خاص قليلًا لمن فاته شيئًا من قِطَار التعليم العام ، وفي العصر الحديث اتجه العديد من رجال الأعمال إلى بناء مصدر دخل خاص بهم عن طريق إنشاء المدارس الخاصة العربية والدولية ومدراس اللغات والجامعات الخاصة ، وهي منشئات تتبع وزارة التعليم اسمًا فقط ولكنها تخضع لقوانين الهيئات التي أنشأتها وهي ذات صبغة مادية بحتة يدخلها فئات معينة من الشعب ، ولمواكبة التطور التكنولوجي خاصة في الدول الخارجة من الأزمات تم إنشاء مراكز البحث العلمي التي ساهمت في تطور الدول وتقدمها بعد أن مرَّت بشتى العواصف المختلفة ، كما أن لأسس النظم التعليمية التي وضعتها الدول المتقدمة مساهمة عظيمة في الإرتقاء الاقتصادي للدول بشَتّى الوسائل الممكنة
- مصطلح التعليم ( Education term):
هو عملية تيسير التعلم أي اكتساب المعرفة والمبادئ والمعتقدات والعادات والمهارات عن طريق شتى وسائل التعليم المختلفة من رواية القصص والتدريب والبحث العلمي و التدريس والنقاش وغير ذلك.
هو التعليم الإلزامي الذي يعتمد على تدريس العلوم المختلفة عبر مؤسسات بعينها مثل المدارس والمعاهد والجامعات ويكون مخطط له ويخضع لقوانين وزارة التربية والتعليم حسب الأعراف والنُظُم العلمية التي تعتمدها الدولة.
- المدارس الحكومية ( Public schools):
هي مدارس تدعم مجانية التعليم تسهيلًا على غير المقتدرين للإلتحاق بركب المتعلمين ، وهي مدارس توصف في عالمنا العربي بالكثافة العددية عن غيرها فلا تنمي مهارات الاستيعاب لدى الطالب بأفضل شكل وتؤذي المعلم بالإجهاد الشديد في سبيل السيطرة على تلك الأعداد الغفيرة ، فيجب تنمية تلك المدارس في الدول النامية و توفير كافة السُبُلْ للطالب والمعلم إذا أرادت الالتحاق بركب الدول المتقدمة.
- المدارس التجريبية ( Experimiental schools):
هي مدارس تم إنشائها من قبل الحكومات لا تدعم مجانية التعليم فيتم دفع لها مصروفات قليلة نسبيًا عن المدارس الخاصة لكنها ذات كثافة عددية أقل نسبيًا من المدارس الحكومية ، و يتم تدريس الرياضيات والعلوم المختلفة فيها باللغة الإنجليزية ، ولكن أسلوب التعليم فيها قائم على التلقين والحفظ.
- الجامعات الحكومية ( Public universities):
هي مؤسسات تعليمية تم إنشائها من قبل الحكومات المختلفة تدعم مجانية التعليم لقلة مصروفاتها الدراسية ، وهي تعتبر الدراسة التخصصية ما بعد مرحلة التعليم الإلزامي “مراحل التعليم الابتدائي والإعدادي والثانوي” ، وهي تعتمد نهج الحضور الإلزامي في غالبية الكليات خاصة الكليات العلمية مثل كليات الطب والهندسة ، ولا تعتمد نهج التعليم عن بعد أبدًا في الكليات النظرية التي قد لا يلتزم الطالب بالحضور فيها ويقوم بمطالعة المواد بنفسه فقط.
“العلمُ يرفعُ بُيوتًا لا عماد لها والجهلُ يهدِمُ بيت العزِ والكرمِ” “حافظ إبراهيم”
بعد أن انتهت الحرب العالمية الأولى والثانية نظر أصحاب العقول إلى ما خَّلَّفتهُ من آثار مدمرة على عقلية الشعوب ، فرصدوا الميزانيات الضخمة للتعليم للمساعدة في محو الأمية بالمدارس وأقاموا فروع التعليم المفتوح في كافة الكليات ، وكذلك تم إنشاء الدراسات العليا لمن أراد التعمق في دراسته المتخصصة ، وما يتميز به التعليم الإكمالي غير النظامي أنه لا يتقيد بسن محدد فكافة سُبُلْ التعليم فيه متاحة لمن أراد أن يتعلم.
- الدراسات العليا ( Graduate education):
هي مرحلة ما بعد الحصول على الشهادة الجامعية من بكالوريوس أو ليسانس وهي مرحلة متقدمة من الدراسة في التخصصات المختلفة وتشمل الدرجات العلمية وهي الدبلوم العالي والماجستير والدكتوراه ، وهي لا تتقيد بسن معين ، ولا تدعم مجانية التعليم كذلك، وعادةً من ينتسب إليها في الأغلب يلتحق بركب أساتذة التعليم الأكاديمي الجامعي.
- مدارس محو الأمية ( Illiteracy schools):
لما كانت حاجة الدول إلى تقدم اقتصادها بأفرادها بعد الحروب المدمرة التي شهدتها المنطقة العربية تولَّدت الحاجة إلى إنشاء فصول محو الأمية لمن لم يتعلم إطلاقًا أو لمن خرج من التعليم تحت ظروفٍ قاهرة ، فمحو الأمية هو القدرة على التواصل باللغة باستخدامها مكتوبة أو مطبوعة وتنمية القدرة على القراءة والكتابة وذلك لمواكبة التطور الحضاري في هذا العصر.
- التعليم المفتوح ( Open education) :
هناك من أراد أن يلتحق بتخصص آخر بعد انتهاء تعليمه الجامعي وهناك من لم يلتحق بالتعليم الجامعي أصلًا بعد مراحل الدراسة الإلزامية ، وهناك من خرج من التعليم الجامعي ولم يكمل دراسته المتخصصة ، عندئذٍ تولدت الحاجة إلى إنشاء التعليم المفتوح أو المدمج للمساهمة في محو الأمية ورفع الكفاءة العلمية لأفراد المجتمع ، والتعليم المفتوح هو تعليم تابع للجامعات الحكومية وتختلف كليات التعليم المفتوح عن الكليات الحكومية في زيادة مصروفاتها الدراسية نسبيًا وأنها لا تتقيد بسن معين للإلتحاق بها.
- برامج التعليم المُوَّجه ( Targeted educational programs):
هو نظام تعليمي حر عن طريق الالتحاق بالبرامج والدورات والندوات العلمية والثقافية في مختلف الأنشطة التي يُحَبِذُها الطالب ، وهو يكون إما بالتلقين المباشر والفهم والنقاش عن طريق الحضور شخصيًا لتلك البرامج العلمية أو عن طريق التعلم بالحضور عن بعد والتعلم حينها يكون ذاتيّ قليلًا و يقع فيه عبء الفهم الأكبر على الأم خاصةً إذا كان الطالب طفلًا.
- التعليم النظامي الخاص ( Private formal education):
بعد أن تم التعامل بنهج الخصخصة في كثير من الدول في عصرنا الحالي في شتى المجالات ، تم إنشاء مدارس وجامعات خاضعة للخصخصة من قبل رجال الأعمال على مستوى العالم وأخرى من هيئات مُتَعَارف عليها دوليًا ، ونظام التعليم الخاص بما أنه ذا جودة تعليمية عالية من ناحية المنهج العلمي وتقويم السلوكيات والكثافة العددية واختيار أفضل المعلمين فهو ذا مصروفات عالية نسبيًا فلا يلتحق بِه إلا فئات معينة من الناس ، فأركان التعليم الخاص الأساسية هي جودة النظم العلمية وتحقيق أفضل الأرباح.
- المدارس الخاصة ( Private schools):
هي مدارس تابعة لبعض رجال الأعمال تختلف عن المدارس الحكومية بأنها ذات كثافة عددية أقل فتقوم بتوفير أفضل بيئة تعلم ممكنة للمعلم والطالب وهي ذات مصروفات دراسية أكبر عن المدارس التجريبية ، وتخضع لقوانين وزارة التربية والتعليم.
- 2- مدارس اللغات ( Language schools):
هي مدارس تتبع بعض الهيئات الصغيرة أو رجال الأعمال تهتم بدراسة اللغات الأجنبية بشكل أكبر الإنجليزية وغيرها ويتم تدريس العلوم المختلفة فيها باللغة الإنجليزية ، بل إن بعض تلك المدارس تقوم بإجبار الطلاب بالتحدث بالإنجليزية بين جدرانها ، تختلف عن المدارس الحكومية بالكثافة العددية الأقل و الاهتمام بجودة نظم التعليم واللغات الأجنبية وهي ذات مصروفات دراسية عالية نسبيًا.
- المدارس الدولية ( International schools):
هي مدارس تتبع هيئات دولية بعينها مثل المدارس الأمريكية والبريطانية واليابانية في الدول العربية ، وهي مدارس تتبع النظم التعليمية في الدول القادمة منها ، وتخضع لرقابة إدارية من الهيئات الحكومية في البلاد التي تُقام عليها تلك المنشآت ، وتختلف تلك المدارس عن غيرها بأحدث وسائل التعليم الممكنة في الدول المتقدمة و مبدأ التعليم فيها قائم على الفهم أولًا غير أنها تهتم بتعليم اللغات الأجنبية والسلوكيات اهتمام بالغ وهي ذات مصروفات دراسية عالية عن غيرها.
- الجامعات الخاصة ( Private universities):
هناك من الجامعات الخاصة ما أنشأها رجال الأعمال ، وهناك جامعات خاصة تم إنشائها على غرار المدارس الدولية بنفس النُظُمْ القائمة عليها ، وتختلف عن الجامعات الحكومية بتقليل مُعدَّل التنسيق نسبيًا حيث يوجد فيها فرصة جيدة جداً للطلاب ذوي المعدلات المنخفضة وجودة الدراسة العالية ولا يدخلها إلا من ذوي الإمكانيات المادية العالية ، وتتنافس الجامعات الخاصة فيما بينها لاستقطاب المتفوقين من مراحل التعليم الإلزامي عبر تقديم العديد من المنح الدراسية لهم.
- الفرق بين عقلية نُظم التعليم الجامعي في الدول المتقدمة عن الدول النامية ( The difference between the mentality of university education systems in developed countries versus developing countries ):
في مراحل التعليم الإلزامي في منطقة الشرق الأوسط مبدأ التعليم الأساسي هو الحفظ والتلقين أما في الدول المتقدمة فمبدأ التعليم عندهم واحد لا يتغير وهو الفهم أولًا ، وإذا تقدم الطالب إلى مرحلة التعليم الجامعي نجد النُظُم التعليمية العقيمة تلجأ إلى معدلات الطلاب في مراحل التعليم الإلزامي كوسيلة لتحديد أنسب تخصص جامعي لكل طالب فيصبح مجموع الطالب في مرحلة الثانوية طوق يتحكم برقبته و يذهب به إلى أي كلية سواء رغب فيها أم لا ، فإذا كان هناك طالب مثلًا يريد الكليات الطبية وهو متفوق في علم الأحياء واجتاز جميع اختباراته في الثانوية بتفوق ولكن درجاته ضعيفة في مواد اللغات حينها يأتي دور “السياف” مجموع الثانوية ليقطع آمال الطالب بالذهاب إلى الكلية التي كان يُريدها و هذا يحدث إن كان ذلك الطالب من مواطني الدول النامية فقط.
أما إن كان في دولة متقدمة فيتم تقييمه لـ دخول الكلية التي يريدها باعتبار درجات التفوق في المواد الأساسية لها التي يتم تدريسها له في الثانوية وعلى هذا الأساس يتم قبوله من عدمه في الكلية ، وقد تكون لبعض الكليات اختبارات قبول خاصة يتم فيها قياس مهارات الطالب الاعتبارية في التخصص المطلوب في الكلية .
- كيف ساهمت مراكز البحث العلمي في الارتقاء بالدول المتقدمة في عصرنا الحالي ؟ ( How did scientific research centers contribute to the improvement of developed countries):
على مدار الزمن لا يُخَلَّد تاريخ الأمم إلا بسلطان العلماء فهم من إذا علا شأنهم ارتفعوا حينها بشأن أمتهم ، وبمعرفة ذلك الأمر اهتمت الدول المتقدمة اقتصاديًا بتخصيص ميزانيات ضخمة للتعليم والبحث العلمي ، لأنه لا تتقدم أيّ أمة من الأمم إلا عن طريق عقول شبابها وليت الدول النامية تعِي ذلك وتهتم بالإنفاق على مجالات التعليم والبحث العلمي بدلًا من أن تساهم في تُهجِيرْ عقول شبابها إلى امريكا و الدول الأوروبية سعيًا وراء تحقيق أهدافهم العلمية ، فكل الاختراعات الحديثة التي نستهلكها في عصرنا الحالي تم ابتكارها واستقدامها إلينا من مراكز البحث العلمي في الخارج، وسنعرض مقارنة بسيطة لحجم ميزانية إنفاق الدول على مراكز البحث العلمي حسب إحصائيات عام 2014 م.
الدولة | ميزانية التعليم (بليون : دولار أمريكي) | حجم الإنفاق من الميزانية العامة |
اليابان | 170.8 | 3.583% |
ألمانيا | 106.5 | 2.842% |
كوريا الجنوبية | 91.6 | 4.292% |
فرنسا | 58.4 | 2.256% |
المملكة المتحدة | 43.7 | 1.701% |
روسيا | 42.6 | 1.187% |