كيف تحولت الرياضة من عالم المتعة إلى عالم البيزنس
Sports from the world of fun to the world of business
Sports from the world of fun to the world of business
في العصور القديمة ، قبل ظهور اختراع عالم الانترنت بما فيه من وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة والألعاب الإلكترونية الحديثة بل حتى قبل اختراع الإذاعة والتليفزيون ، كانت وسيلة الترفيه الوحيدة في العالم هي ممارسة الرياضة بكافة أشكالها ، في الشوارع والحدائق والطرقات وهي مواطن الرياضة الأولى قبل إنشاء الأندية الرياضية ومراكز الشباب باختلافها ، فيجتمع الأطفال والشباب في أيام العطلات من المدارس و الجامعات وكافة الأعمال الوظيفية لممارسة هوايتهم في شتى أنواع الرياضة ، فكانت تمارس الرياضة حينها فقط للمتعة وملء وقت الفراغ لا أكثر ، فمثلًا كانت الرياضة الشعبية الأولى في العالم العربي ومازالت كذلك هي كرة القدم ، فهي رياضة الغالبية العظمى من فئات الشعب العربي غنيهم وفقيرهم ، فقد مارسها الفقراء وإن لم تتوفر لديهم كرة عادية لضعف الإمكانيات ، يقومون بإعداد كرة مصنوعة من القماش عن طريق جمع عدد من الجوارب وخياطتها و تشكيل كرة عن طريق إدخال الجوارب في بعضها البعض، أما من ينشغل بالعمل أو الدراسة فقد كان يكتفى بالتجمعات مع الأصدقاء في العطلات لممارسة الرياضة ، واستمر هذا المنوال في الرياضة زمنًا حتى نظرت إليها المنظمات الحكومية بعين الاعتبار وقامت بإنشاء مراكز الشباب المختلفة والأندية الرياضية التي أصبح لدى العديد منها قاعدة جماهيرية يتعصب الناس بالانتماء إليها ، وأصبحت هناك قوانين للألعاب الرياضية المختلفة تحكمها ، لكن مالبث هذا الحال طويلًا فقد تم خصخصة جزء كبير من عالم الرياضة ، مثل خصخصة أندية بأكملها ، وأصبح البث الفضائي الرياضي عبارة عن تجارة ربحية ، وانتشر عالم وكلاء وبيزنس اللاعبين ، لذلك نستعرض هنا كيف تحولت الرياضة من عالم للمتعة والترفيه إلى عالم للبيزنس وتجارة الأعمال.
- فائدة الرياضة في بناء جيل المستقبل ( The benefits of sports for the future generations ):
- لتنشئة الاجتماعية والعمل الجماعي بالتواجد وسط مجموعة من الأشخاص المتشابهين في التفكير تجعل نمو الوعي الاجتماعي يتكون لدى الشخصيات بشكل أسرع.
- تعزيز المناعة ونظام القلب والأوعية الدموية ، وتقليل خطر الإصابة بالالتهابات التي تؤدي إلى تصلب شرايين القلب.
- تقوية جميع عضلات الجسم حتى العضلات اللاإرادية كالعضلة المتحكمة في العين والرؤية البصرية.
- تنمي الشعور بالمسؤولية والانضباط في الحياة.
- تساهم في تكوين الشخصية الإيجابية بالصفات المكتسبة من ممارسة الرياضة.
- الحد من تقليل الإصابة بالإلتهابات في جميع أنحاء الجسم.
- حرق السعرات الحرارية ، فالمجهود المبذول في الرياضة يساهم في بناء جسم صحي رياضي بعيدًا عن أي زيادة في الوزن.
- تعزيز القدرات العقلية ونمو الذكاء الاجتماعي.
- نمو العظام وزيادة كثافتها بشكل صحي.
- زيادة مرونة الجسم بممارسة تمارين التمدد والإحماء.
- تساهم في تهدئة الأعصاب وزيادة استرخاء الجسم بزيادة إفرازات هرمونات السعادة وتقليل أعراض التوتر والإجهاد والركود بشكل طبيعي.
- الرياضة كـ أفضل طريقة للاستفادة من أوقات الفراغ ( Sports as the best thing for your free time):
“علموا أولادكم السباحة والرماية وركوب الخيل” عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، حثنا الدين الإسلامي على تعلم الرياضة بكافة أشكالها ، فمن الدين أن يتعلم الفرد ويبدع في رياضة مفضلة لديه تنمي مهاراته العقلية والجسمانية ، و لعل أكثر ما يحذر منه علماء التربية وعلم نفس الطفل ، هو “وقت الفراغ ” فعندما تمتلئ رأس الأم بنداءات الأطفال لسبب أو بدون سبب ، تقوم بأسهل شئ عليها هو إعطاء الطفل جهاز الكتروني للألعاب أو وضعه أمام محطات بث الأفلام الكرتونية على التلفاز بما تحتويه من ما يماثل ويخالف أعرافنا دون أي انتقاء ، وهذا ليس من التربية في شئ ، فالعينة السابقة من الأمهات التي ذكرتها أصبحت تلاحظ إصابة أطفالها بخلل لغوي واجتماعي في حياتهم ، فالطفل الذي لا يوجد في حياته سوى جهاز الكمبيوتر أصبح لا يحب التجمعات و إن تكلم أحد معه يجد ذلك غريبًا لنقص المفردات لديه ، بل إن هؤلاء قد يصلون إلى مرض التوحد فيما بعد ، لذا فأفضل ما يفعله الآباء هو إشراك أبنائهم في مختلف الأنشطة الرياضية المحببة إليهم سواء في المدارس والجامعات أو الأندية ، ليحيا الأطفال حياة صحية مليئة بروح التعاون الاجتماعي المنبثق من صداقات حقيقية و ممارسة الأنشطة الرياضية.
و لسلامة البنية الاجتماعية يجب إشراك الأطفال أصحاب الهمم من ذوي الإعاقات في الأنشطة الرياضية المختلفة لإدماجهم في بنية المجتمع ولتنمية البناء النفسي لديهم حتى لا يشعرون أنهم يتم استقصاءهم من المجتمع بسبب علة لم يكونوا يوماً سبباً فيها و أيضا لبث الروح العالية وعدم إحساسهم بالنقص أو العجز عن الأطفال الأصحاء.
- إنشاء الأندية الرياضية ومراكز الشباب ( Establishing sport clubs and youth centers):
قبل التقدم الذي يشهده عصرنا الحالي ، كانت الرياضة تمارس في الشوارع والطرقات والحدائق والمنتزهات كما أسلفنا ، لكن ما إن نظرت الحكومات إلى الرياضة بعين الإهتمام ، فأنشئت مراكز الشباب على مستوى البلاد لتصل إلى كافة الأماكن مثل القرى والنجوع النائية لتكون ممارسة الرياضة في متناول جميع طبقات المجتمع ، ثم أنشئت الأندية وهي تعتبر المدارس المتخصصة في الرياضة فهى تضم جميع أقسام الألعاب الرياضية عكس مراكز الشباب التي قد لا تحتوي على كافة الألعاب الرياضية ، وفي الأندية أصبحت توجد مدارس الناشئين لكل رياضة حسب التاريخ العمري ثم يتم التصفية بينهم وذلك عن طريق تصعيد اللاعبين أصحاب المهارة تدريجيًا حتى يصلوا إلى الفريق الرياضي الأول في قسمهم ، وتم إنشاء وزارة للرياضة لها قوانينها الخاصة ، وتم إصدار قوانين للرياضة في مختلف أقسامها عن طريق روابط الحكام ، بل أصبح هناك اتحادات دول رياضية ترجع إلى اتحادات القارة التي ترجع بدورها فيما بعد إلى الإتحاد الدولي في اللعبة.
- أقسام الألعاب الرياضية في الأندية ( Sports in clubs):
- 1 – الألعاب الجماعية مثل : كرة القدم ، وكرة السلة ، والكرة الطائرة ، وكرة اليد ، وكرة القدم الأمريكية ، ورياضة الهوكي.
- 2 – ألعاب القوى مثل : الوثب ، والعدو ، والرمي.
- 3 – لعاب القوة مثل : رياضة رفع الأثقال ، رياضة كمال الأجسام.
- 4 – الرياضات المائية مثل : رياضة التجديف ، والكرة المائية ، والغوص ، والسباحة ، وغيرها.
- 5 – الرياضات القتالية مثل : الجودو ، والكونغ فو ، والمصارعة ، والمبارزة ، والملاكمة.
- 6 – رياضة ركوب المركبات والدراجات مثل : سباقات السيارات ، وسباقات الدراجات الهوائية والنارية.
- 7 – رياضة التسلق : مثل تسلق الجبال ، وتسلق الجليد.
- 8 – رياضات متنوعة مثل : كرة المضرب ، والتنس ، ورياضة قفز الحبل ، وركوب الخيل.
- تحول الرياضة إلى عالم البيزنس ( The transformation of sport to a business):-
نظر العديد من رجال الأعمال إلى مجال الرياضة ، فأصبح يُنظر إلى مجال الرياضة الآن بعين التجارة والربح ، بل إن بعض الرياضات يكون الهدف منها فقط جلب عدد مشاهدين أكثر لازدياد الربح وليس ممارسة الرياضة بهدف المتعة وإشغال وقت الفراغ وبناء الجسم ، فهناك مثلًا: في رياضة المصارعة قد يتفق المصارعان على سيناريو ( script) معين لتمثيله أمام المشاهدين لجلب المشاهدات وازدياد الربح فقط ، وكذلك المباريات الودية و الاستعراضية تكون بلا إمتاع لأنها مباريات متفق عليها بين الطرفين.
- خصخصة الأندية الرياضية (club’s ownership from public to private):
بما أن عالم الرياضة أصبح جزءًا من البيزنس الربحي ، فقد اتجه العديد من رجال الأعمال خاصة في أوروبا لشراء بعض الأندية الرياضية هناك فيستفيد منها من خلال :
- تسويق منتجات النادي الرياضي من ملابس وأحذية وغيرها ، بل يتجه البعض منهم إلى إنشاء المصانع الخاصة لمنتجات النادي.
- بناء مدارس الناشئين القوية و التسويق لها.
- التسويق لشراء عضوية النادي من خلال عرض أبرز الإنجازات.
- جلب العديد من الشركات الراعية للنادي و بالتالي ملء خزينة النادي بالأموال الوفيرة خاصة إن كان النادي من ذوي الجماهير الغفيرة ، فقد تقتتل الشركات المتنافسة فيما بينها للحصول على منصب الراعي الرسمي ، نظرًا للفوائد الربحية العالية من منصب الراعي الرسمي لاسيما إن كان ذلك النادي جماهيري.
- جلب العديد من الرعاة الفرعيين للعديد من منشئات النادي ومنتجاته ، فهناك راعي لاستاد النادي ، وآخر لقناة النادي ، وآخرون كرعاة معلنون يكون اسمهم على قميص النادي.
- جلب العديد من الأسماء اللامعة للنادي من لاعبين وإداريين ومدربين يساهم في ازدياد القيمة التسويقية للنادي بشكل كبير.
- قد يتجه بعض رجال الأعمال إلى إنشاء استادات وملاعب وصالات وفنادق خاصة للنوادي التي يمتلكونها ، لتوفير بعض الأموال التي تدفع لأماكن اللعب والمبيت المؤجرة ، فيصبح بذلك صافي الربح من بيع التذاكر للمباريات وتوفير أماكن إقامة المباريات ملك للنادي وحده ، فيزداد الربح إجمالًا.
- تجارة وخصخصة البث الفضائي لعالم الرياضة ( Satellite Broadcasting rights for sports events):
في كل بلد في العالم توجد بعض النوادي التي لها جماهير غفيرة ، وغالبًا ما يتنافس الجماهير فيها مثل تنافس اللاعبين والمدربين أحيانًا ، وبما أن القيمة التسويقية للنادي تعتمد بشكل كبير على شعبيته وجماهيريته ، ولنأخذ اللعبة الشعبية الأولى في العالم العربي كمثال : هل جربت يومًا مشاهدة مباراة كاملة لفريقين من وسط الدوري و لفريقين هما قطبي الرياضة ؟ ، هل لاحظت حجم الإعلانات ؟ أثناء وقبل وبعد المباريات ، هل لاحظت المدة الزمنية المتوفرة لكل الفرق في الاستوديوهات التحليلية ؟ واختلافها عن بعضها ، هل لاحظت شراء أو امتلاك بعض القنوات الفضائية البث الحصري في كواليس التدريبات الرياضية ؟ ، هل لاحظت شراء البث الحصري لبعض المباريات من قبل بعض من القنوات الفضائية ؟
الإجابة تكمن عزيزي القارئ في المنطق الربحي ، فمن بث المباريات الجماهيرية تشتري بعض الشركات كبيرة كانت أو صغيرة مُدَّة زمنية لعرض المنتجات الخاصة بهم ، فيستفيد كلا الطرفين : الأندية بالفوائد المادية من جلب العديد من الإعلانات للمباريات الخاصة بهم ، والشركات بالتسويق لمنتجاتهم وعرضهم لأكبر فئة من الجمهور وبالتالي ازدياد العرض والطلب لديهم فينتعش الربح وينمو اقتصاد تلك الشركات المعلنة بسكل كبير.
لذلك الاستوديوهات التحليلية للمباريات الجماهيرية تكون في مُدّة زمنية كبيرة مقارنة بالمباريات الأخرى ، فعندما يتم عرض العديد من الإعلانات يرجع ذلك إلى قنوات عرض البث الرياضي المختلفة بالكثير من الفوائد المادية.
أما عن البث الحصري فقد تتجه بعض القنوات الرياضية لشراء حقوق الكواليس الخاصة لتدريبات الأندية الجماهيرية وذلك لازدياد العائد المادي من جلب العديد من المشاهدات الحصرية بالإضافة إلى الكثير من الإعلانات ، وقد يتكون الدخل المادي لبعض القنوات الرياضية من امتلاك البث الحصري فقط وذلك بشراء حقوق المباريات الجماهيرية على مستوى البلاد العربية وقد تتوسع وتكون على مستوى الألعاب القارية وقد تتوسع وتكون على مستوى العالم حتى ، ويرجع ذلك للقنوات بامتلاك الفوائد المادية العظيمة من خلال جلب المشاهدات الحصرية و جذب وعرض العديد من الإعلانات.
بما أننا تحدثنا عن حقوق البث الحصري ننوه بالذكر أن المباريات عادة أيضًا ما يمتلكها البث الأرضي للبلاد التي تُقام فيها ، خاصة إن كانت الأندية المتبارية من نفس البلد.
- بناء عالم وكلاء اللاعبين وسياسة التجارة الربحية ( The world of player agents):
قديمًا كان أول من يرتاد النوادي الرياضية كان من لديهم روح الانتماء فقط لدى تلك النوادي ، لكن ما إن تمت الخصخصة في مجال الرياضة أصبح الرياضي كموظف لا يبخل بمهاراته لمن يدفع له أكثر ، فقد يتم إنشاء نوادي رياضية من الصفر ليس لها اسم ولا جماهيرية فتقوم بتقديم إغراءات مادية لبعض الرياضيين المشاهير من الأندية الجماهيرية ليتم إنشاء اسم نادي من الصفر باستقدام ذلك اللاعب أو ذلك المدرب ، وأصبح العديد من اللاعبين لا يبذلون مهاراتهم في سبيل النادي المتعاقد معهم وإن كانوا من أبناء المدارس الرياضية في ذاك النادي وذلك ما إن يجدوا نادي يتعاقد معاهم بمبلغ مادي أكبر ، وأصبح العديد من اللاعبين لهم وكلاء مهمتهم أن يأتوا بأفضل العروض التسويقية للاعبيهم ، فما إن يكون العقد بين اللاعب وناديه قد قارب على الانتهاء ، يبحث وكيل اللاعب حينها عن أفضل العروض المقدمة للاعبه وهي التي تقدَّم إما لتجديد عقد اللاعب مع ناديه أو التي تُقَّدم لشراء اللاعب من قبل الأندية الأخرى سواء محلية أو عروض احتراف قارية أو عالمية ، ويقوم الوكيل واللاعب معًا بتقييمها من ناحية أولًا بحث أفضل عائد مادي وثانيًا مكانة النادي بين الجماهير والإمكانيات التي يمتلكها.
مما سبق نلاحظ أن ال رياضة تحولت بالكامل إلى عالم البيزنس إلا من رحم ربي ، فالعلاقات في عالم الرياضة أصبحت أشبه بموظف يتسلم راتبه آخر الشهر لإنجاز العمل ، والقليل من الرياضيين هم من يلعبون لأجل المتعة في مختلف الألعاب الرياضية ، والرياضة في وقتنا الحالي أصبح يتم التعصب لها بشكل كبير بل إن هناك بعض حوادث التشجيع العنيفة التي أدت إلى وفاة الكثير من الأشخاص حول العالم ، فيتم شحن الجماهير بواسطة الآلة الإعلامية الرياضية ويؤدي ذلك إلى تلك الحوادث المؤسفة ، و ذلك عكس ما ابتدأت الرياضة عليه من أن مشاهدتها فقط كانت بغرض الترويح عن النفس والاستمتاع بالوقت.