القضية الفلسطينية ، وكيف بدأ الإحتلال ؟
The Palestinian chronicle, and how did the occupation begin
فلسطين عبر العصور (Palestine throughout the ages):
ما كُتِبَ اسمُ فلسطين بحروفٍ من ذهب إلا مُذْ جعلها الله موطنًا لِـ هِجرة أبي الأنبياء إبراهيم عليه السلام إليها ؛ وقد استقرّ فيها وانتشرفرعٌ من ذُريتِه عليه السلام ؛ وهم أبناء السيدة سارة زوجة إبراهيم عليه السلام بِدءًا من ولدِه إسحاق عليه السلام ، أمّا عن أبناء إبراهيم عليه السلام من زوجته السيدة هاجر فقد استقروا في الجزيرة العربية بِدْءًا من ولدِه إسماعيل عليه السلام.
ثم بعث الله نبي الله يوسف بن يعقوب عليهما السلام في أرض مصر بعد أن باعهُ إخوتِه مُذْ كان صغيرًا إلى عزيز مصر ، وما إن استقر الحال بِـ يوسف عليهِ السلام وأصبح وزير الملك على خزائِن مصر (منصب يُعادل وزير الإقتصاد والمالية والبيئة في عصرِنا الحالي) بعث إلى أبيهِ عليه السلام وإخوتِه ؛ فَـ استقرّ بهم الحال في أرضِ مصر إلى حين.
ثُمَّ بعث الله بالرسالة من ذرية يعقوب عليه السلام مُوسى وهارون عليهما السلام في أرضِ مصر ، وكان الفرعون الحاكم آنذاك شخصًا ظالمًا قد ضيَّق الأرض على عباد الله المؤمنين ؛ حتى غرق فرعون في البحر ونجىّ الله عبادِه المؤمنين ، وهاجر آنذاك المؤمنين إلى الأراضي المُقدسّة ؛ ولكنهم لم يدخلوها وتاهوا في الأرضِ 40 سنة إثر إمتناعِهم عن قِتال القوم الجبارين.
وبعد أن تاب الله على المؤمنين ودخلوا الأرض المُقدسة بعث الله لهم أنبياءًا عِدَة من ذُرية إسحاق عليهِ السلام ، ثم بعث الله نبيًا آخر لِـ بني يعقوب من ذُريتِه عليهِ السلام ، وهو : نبي الله عيسى عليه السلام الذي شهِدَت الأرض المُقدسة مولدِهِ ورِفعتِه إلى السماء.
فلسطين في عهد الإسلام (Palestine in the Islamic era):
جاء الإسلام بالرِّفعة والمكانة للأرض المُقدسّة التي بارك الله حولها فجعلها قبلة المُسلمين الأولى ؛ وقد أُسرِى َّبِـ رسول الله عليه الصلاةُ والسلام في ليلةٍ واحدة من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ، ثمَّ عُرِّج به إلى السماوات السبع مُستمعًا لأوامِرْ الله تعالى ومُصدِقًا ومُسلِّماً على من كان قبلهُ من الأنبياء والمرُسلين ، ثُمّ صلّى مُحمدٌ صلى الله عليهِ وسلم إمامًا بالأنبياءِ والمُرسلين في رِحاب المسجد الأقصى المُبارك ؛ وهو المسجد الذي قد أمرنا رسول اللهِ صلى الله عليه وسلّم بِـ شدّ الرحال إليه مع الحرميّن المكي والمدني.
(سُبحان الذي أسرى بعبدِه ليلًا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حولَّهُ لِنُريَّهُ من آياتِنا إنه هو السميعُ البصير)(الآية 1 : سورة الإسراء).
كانت بلاد الشام ومصر تقبُع تحت الإحتلال البيزنطي الذي قاتل بضراوة كُلَا من اليهود والنصارى على حدٍ سواء تحت حُجَّة اختلاف المذاهِب العقائدية والتعبُدِيّة فيما بينهم ، وبعد أن انتهى الصديق رضيّ اللهُ عنه من قِتالِ أهل الرِدَّة ؛ قام بتوجيه الجيوش لتحرير البِلاد على كُلٍ مِنْ جبهتيّ الفُرسْ والروم على حدٍ سواء ، وما لبِثَ أن توفيَّ رضيَّ اللهُ عنه وتولىَّ الفاروق رضيَّ اللهُ عنهُ إمرة المُسلمين ؛ فَـ كتب لأبي عبيدة عامر بي الجراح رضيّ اللهُ عنه إمرة الجبهة الإسلامية في بلاد الشام ، وكتب الله الفتح المُبين للمُسلمين في بلاد الشام ومصر ، وكان فتح القدس بعدما طلب أهلها الصُلْح شرط قدوم الفاروق رضي الله عنه إليها وتوقيعهِ العُهدة العُمرية مع البطريارك آنذاك ، وقد تمَّ فتح القدس في ربيع الأول عام 16 هـ.
ثُمَّ أصبحت القدس إحدى ولايات الخلافة الإسلامية التي قد نَعِمَتْ بِـ عدل الدولة الإسلامية وإنصافِها لكل الديانات السماوية.
نشأة الحركة الصهيونية (The birth of the Zionist movement):
قامت الحركة الصهيونية في أوروبا عام 1880 م ؛ وذلك بتكوين مجموعة صغيرة أطلقت على نفسِها اسم : “عُشَّاق صهيون” ، وكان الهدف الأساسي من محاولات إنشاء الدولة اليهودية هو : الفِرار من الإضطهاد الذي قد كان يتعرض لهُ اليهود في أوروبا ؛ والذي كان قد ازداد ذروتُه مع ظهور “هتلر” على الساحة العالمية ؛ ومِنْ ثمَّ قد طالبَّ ذلك التجمُعْ الصهيوني الصغير إنشاء دولة صهيونية في الأرض التي هي بمثابة مهد الأنبياء والديانات السماوية “فلسطين”.
وكانت فلسطين آنذاك إحدى ولايات الدولة العُثمانية التي تعُجَّ بالمواطنين المُسلمين العرب ؛ ولا يوجد إلا نسبة قليلة جدًا من اليهود فيها لا تتجاوز نسبة الـ 5% ، وقد لاقى هذا المشروع الصهيوني رفضًا قاطعًا وغضبًا شعبيًا في كل ربوع فلسطين ؛ ولعلّ من أبرز الشخصيات السياسية والدينية المعروفة في فلسطين الذين قد قاموا برفض هذا المشروع : أمين الحُسيني ، وعز الدين القسّام ، وجاء من بعدِهم عبد القادِرْ الحسيني.
وقد تباينت مواقف الدول العربية والحُكام العرب إزاء المشروع الصهيوني المُزعم إنشائُه في الأراضي الفلسطينية ؛ فَـ نجد أن هُناك من حُكَّام العرب من أيّد حق الفسطينيين في الدفاع عن أرضِهم وممتلكاتِهم ، ونجد أن هناك آخرون قد التزموا الصمت ، ونجد أن هناك آخرون ممن كتبوا أسمائهم في التاريخ بصورة سيئة ؛ وذلك لأنهم قد أيَّدوا المشروع الصهيوني من أجل نيّل رضى الحكومة البريطانية ؛ ومن هؤلاء الأشخاص نذكُرْ : الأمير فيصل بين الحسين الذي التقى فيما بعد بِـ “حاييم وايزمان” رئيس المنظمة الصهيونية العالمية ، وقد كان لهذا اللقاء الأثر المُباشر في إنشاء الكيان الصهيوني.
أمَّا بالنسبة للمجتمع الأوروبي والدول الغربية فقد رحبوا بِـ هذا المشروع الصهيوني ؛ فقد تلقّى أصحاب هذا المشروع دعمًا عسكريًا ولوجيستيًا كبيرًا من الدول الكُبرى التي هيمَّنت على العالم الإسلامي آنذاك إثر الضعف والهشاشة التي قد أصابت الدولة العُثمانية في أواخِرْ أيامِها ؛ ونخُصّ بالذكر مِنْ تِلك الدول : بريطانيا ، والولايات المُتحدة الأمريكية ؛ وإن لم تكُن قد رأت تلك الدول الغربية في إقامة دولة الصهاينة في المنطقة الإسلامية العربية حمايةً لِـ مصالحها في الدول الإسلامية العربية ما ساعدَت قيد أُنملة في إنشائِها وتثبيت أركانِها.
من العوامِلْ التي ساهمت في تمهيد الاحتلال الصهيوني للأراضي الفلسطينية (Factors that contributed to the Zionist occupation of the Palestine lands):
لعلّ الوهن الذي أصاب الدولة العُثمانية في أواخِرْ ايامِها ؛ قد ساهم بشكل كبير بِـ تمهيد الاحتلال الصهيوني لِـ فلسطين العربية الإسلامية ، ومن أبرز العوامل التي ساهمت بشكلٍ كبير في تمهيد الاحتلال الصهيوني للأراضي الفلسطينية :
- الثورة العربية الكبرى (The Great Arab Revolt):
أعلن الشريف “الحسين بن علي” الثورة ضد الحُكم العُثماني لِـ بلاد المسلمين تحت اسم : الثورة العربية الكُبرى ، أمّا عن مبادئ تلك الثورة العربية : فقد تم وضعها بالاتفاق بين الحسين وقادة الجمعيات العربية في بلاد الشام والعراق في ميثاق قومي عربي ؛ وقد كان الهدف من إنشاء هذا الميثاق : إنشاء دولة عربية مُتحدة قوية تشمل جميع الأراضي ذات اللسان العربي بما فيها أرضُ فلسطين ؛ بالإضافة إلى أن تكون تلك الدولة مُستقِلة تمامًا عن حُكم بلاد الأناضول والدولة العثمانية.
وقد رعّت الحكومة البريطانية هذه الثورة العربية الكُبرى ؛ وذلك بواسطة عِدّة مُراسلات بين الأمير الحُسين مع مكماهون عام 1915 م ، أمّا عن وعد الحكومة البريطانية فقد كان : بِـ إعلان الشريف الحُسين حاكمًا على تلك الدولة العربية المُتحدة ؛ وذلك في مُقابل إشراك العرب مع الحُلفاء في حربهم ضد بِلاد الأناضول (وعلى إثر ذلك قامت الحرب العالمية الأولى وانتهت الخِلافة العُثمانية بشكل رسمي) ، إلا أنَّ بريطانيا بطبيعة الحال نقضَّت عهدها لِـ “الحسين” فلا توجد أيّ مصلحة عائدة إليها إذا اتِحدّ العرب تحت لواءٍ واحد ، وما كان من الحكومة البريطانية إلا أنها قد استخدمت الشريف الحسين لِـ تفتيت أركان الدولة الإسلامية العتيدة والمُمتدة مُنذُ قرون ؛ ومِنْ ثمَّ رعاية ذلك التفتيت بإقامة اتفاقية سايكس بيكو تمهيدًا لادخال المشروع الصهيوني في المنطقة العربية.
- إتفاقية سايكِس بيكو (Sykes – Picot Agreement):
لعلّ الحلّ الأنسب الذي وجدته البلاد الغربية لـ وقف التقدُم العلمي والحضاري في بلاد المُسلمين هو الانسلاخ من هويتِهم الإسلامية والاندماج وتغذية فكرة القومية في الشعوب النامية مُستقبلًا ، فَـ بعد أن كان جسد الدولة الإسلامية واحدًا من زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نهاية الدولة العُثمانية ؛ فقد كان يضُّم : العربي والأعجمي ، والأبيض والأسود ، ووضع الإسلام ميثاقًا واحدًا للناسِ فيما بينهم : “أن لا فضل لعربيّ على عجميّ ، ولا لعجميّ على عربيّ ، ولا لأبيض على أسود ، ولا لأسود على أبيض ؛ إلا بالتقوى”
أصبح الكثير من أمة الإسلام لا يعتَّد بِـ دينِه بل يتفاخر بقوميتِه قائِلًا : أنا مِصري ، أنا مغربي ، أنا سوري ، وهكذا ؛ فقد نسى هؤلاء الناس أنّا كُنّا أُمَّة واحدة من شرق الأرضِ إلى مغربها توحدّنا بالدين فقط بلا أيّ قوميات ولا بروتوكولات تمنعنا ؛ وقد كُنَّا ذات يوم خير أُمَّة وأفضل أُمّة في الأرض قاطِبة.
فِـ كيف تكالبت دول الإحتلال الغربية على تفتيت دولة الإسلام المُحمدِيّة؟!
بعد إنهيار الدولة العُثمانية إثر هزيمتِها خلال الحرب العالمية الأولى تسارعت الدول الغربية ذات القوى العُظمى آنذاك بنهب أشلائِها وتقطيعِها فيما بينهم.
فقد تمَّ عُقِد اتفاق سِرِّي بين كُلًا مِنْ بريطانيا وفرنسا مع مُصادقة روسيا على : تقسيم العراق وبلاد الشام ومِصر وبلاد المغرب العربي بين فرنسا وبريطانيا ؛ وذلك على أن تقع منطقة جنوب سوريا التي تم تعريفِها فيما بعد تحت اسم : “فلسطين” تحت إدارة دولية (عدا صحراء النقب) ؛ ويتم الإتفاق على تلك الإدراة بالتشاور بين بريطانيا وفرنسا وروسيا ؛ ويشمل هذا الإتفاق منح بريطانيا مينائيّ حيفا وعكَّا على أن يكون لِـ فرنسا حُرية استخدام ميناء حيفا على أن يكون لِـ بريطانيا حُرية استخدام ميناء اسكندرون السوري الواقِعْ تحت الوصاية الفرنسية ، وقد تمَّ التأكيد على مُحتوى اتفاقية سايكس بيكو مُجددًا خلال مؤُتمر ريمون الذي قد أُقيم عام 1920 م ، ثُمَّ أقرَّ مجلس عُصبة الأمم وثائق الإنتداب الغربي على الدول العربية عام 1922 م مما قد أكدّ ذلك اتفاقية سايكِس بيكو مرةً أُخرى.
وعد بِلفور (Balfour Declaration):
بما أن بريطانيا قد أطلقت على نفسها لقب : “الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس” نظرًا لـ نهشِها ونهبِها ربوع الدولة العُثمانية شرقًا وغربًا إثر سقوطها ؛ فقد قامت بريطانيا بالاحتلال العسكري لِـ مصر والكثير من بِلاد الشام ، وكان ذلك الاحتلال بالتوازي مع شقيقتِها فرنسا التي أكلت زورًا وبُهتانًا بعض بلاد الشام مع بلاد المغرب العربي بالإضافة إلى أغلب بُلدان القارّة الأفريقية ، فقد تبنّت بريطانيا سياسة إيجاد كيان يهودي وزرعِه في مُنتصف البلاد العربية في أرض فلسطين ؛ وذلك لِـ عِدّة أسباب مِنها :
- أن لا يتسنى لِـ بلاد العرب بالأخصّ وبلاد المُسلمين عامةً أن تقوم لها قائمة مرّة أخرى وألَّا تتوحد على الإطلاق ، وأن حتى إن حاولوا التوحُد تكون الدولة الصهيونية بمثابة عائقًا أمام التفاف المُسلمين حول كلِمة واحدة.
- حتى يتوسّع النفوذ البريطاني في المنطقة العربية ، وذلك لأنها قد احتلّت أغلب بُلدان المنطقة العربية ونهبت خيراتِها.
- منع اليهود من الهجرة إلى أوروبا وروسيا ؛ فقد كان اليهود يتعرضون للاضطهاد آنذاك بشتى أنواعِه ، ولم يكونوا بِـ مأمن قط إلا في أيام الخلافة الإسلامية ؛ فمثلًا : قد هاجر الكثير من اليهود إلى بلاد المغرب العربي ؛ وذلك حينما سقطت بلاد الأندلُس المُسلمة في أيدي نصارى الإسبان ؛ وقد فرَّ آنذاك الكثير من المُسلمين واليهود هربًا من القتل والتعذيب عبر البحر إلى بلاد المغرب العربي.
وما كان من بريطانيا إلا أنها أصدرت وعدًا بتوفير الحماية لليهود وإعطائِهم المُساعدة اللازمة لـ تبني إنشاء كيان لهم على الأراضي العربية ، فقد أصدر وزير خارجية بريطانيا آنذاك “بلفور” وعدًا باسم ملك بريطانيا إلى زُعماء الحركة الصهيونية عام 1917 م بتأسيس وطن قومي لليهود على الأراضي الفلسطينية ، وقد أُطلِق على هذا الوعد : (وعد من لا يملِك لمن لا يستحِقْ).
غضِب المُسلمون والعرب آنذاك من السياسات البريطانية ، ولكن غضبهم كان هباءًا منثورًا فقد تشتت كلمتُهم وتفرقّت جماعتهم.
اتفاقية فيصل وايزمان (The Faisal Weizmann Agreement):
بالرغم من أن البريطانيين قد نكثوا وعدهم لـ “الشريف الحسين” بإقامة الدولة العربية إلا أنَّهُ ما كان من ابنِه الأمير فيصل إلا أن قام بِـ عقد إتفاقية مع “حاييم وايزمان” رئيس المُنظمة الصهيونية العالمية خلال مؤتمرباريس للسلام الذي كان قد انعقد عام 1919 م ؛ وتنُصَّ تلك الاتفاقية على :
- أن يُقِرّ الأمير فيصل بِـ “وعد بِلفور”.
- أن يُعطي لليهود تسهيلات بإنشاء وطنٍ خاص بهم على الأراضي الفلسطينية.
وما كان من بريطانيا إلا أنها أصدرت وعدًا بتوفير الحماية لليهود وإعطائِهم المُساعدة اللازمة لـ تبني إنشاء كيان لهم على الأراضي العربية ، فقد أصدر وزير خارجية بريطانيا آنذاك “بلفور” وعدًا باسم ملك بريطانيا إلى زُعماء الحركة الصهيونية عام 1917 م بتأسيس وطن قومي لليهود على الأراضي الفلسطينية ، وقد أُطلِق على هذا الوعد : (وعد من لا يملِك لمن لا يستحِقْ).
غضِب المُسلمون والعرب آنذاك من السياسات البريطانية ، ولكن غضبهم كان هباءًا منثورًا فقد تشتت كلمتُهم وتفرقّت جماعتهم.
- اتفاقية فيصل وايزمان (The Faisal Weizmann Agreement):
بالرغم من أن البريطانيين قد نكثوا وعدهم لـ “الشريف الحسين” بإقامة الدولة العربية إلا أنَّهُ ما كان من ابنِه الأمير فيصل إلا أن قام بِـ عقد إتفاقية مع “حاييم وايزمان” رئيس المُنظمة الصهيونية العالمية خلال مؤتمرباريس للسلام الذي كان قد انعقد عام 1919 م ؛ وتنُصَّ تلك الاتفاقية على :
- أن يُقِرّ الأمير فيصل بِـ “وعد بِلفور”.
- أن يُعطي لليهود تسهيلات بإنشاء وطنٍ خاص بهم على الأراضي الفلسطينية.
بداية الإحتلال الصهيوني للأراضي الفلسطينية (The beginning of the Zionist occupation of the Palestinian lands):
أعطّت اتفاقية “سايكس بيكو” للبريطانيين حقّ الانتداب على الأراضي الفلسطينية وشرق الأردن ، ثم جاء وعد بلفور بإقامة كيان صهيوني لليهود في فلسطين ، ثم هاجر اليهود جماعاتٍ وفُرادى تحت الحماية البريطانية ليستقروا في أرض فلسطين ؛ ومِنْ ثمَّ ازداد عدد السُكان اليهود بشكل ملحوظ في الأراضي الفلسلطينية.
بدأت بريطانيا التعامُل بحّذر شديد مع الطرفين العربي واليهودي على الأراضي الفلسطينية ؛ ومكنَّت لليهود من بلاد العرب رويدًا رويدًا بحجة السامية ، فَـ العربي الذي يرفض الاحتلال اليهودي لأرضِه وبيتِه ما هو في نظرِهم إلا شخص مُعادي للسامية (السامية : هي حركة نمّت في أوروبا خلال القرن التاسع عشر وأوائِل مطلع القرن العشرين جرى على إثرها إضطهاد اليهود من قبل البلاد الأوروبية).
اعتمد اليهود في بداية دخولهم من الناحية العسكرية على مُنظمة تُدعى “الهاجاناه” ؛ وهي مليشيا شبه سريّة قد تعاونت مع السُلطات البريطانية خلال الحرب العالمية الثانية ، ثُمّ عشية إلغاء الانتداب البريطاني قامت تلك المنظمة بِِـ مُقاتلة البريطانيين والعرب معًا على أرضِ فلسطين بمُساعدة العديد من الجماعات اليهودية المُتطرفة ، مثل : “شتيرن” و “إرجون”.
وبعد أن استولى اليهود على الأراضي الفلسطينية في ظِلّ الحِماية البريطانية ، طردوا البريطانيين ولا يزالون يسعوّن إلى طردِ أصحاب الأرض من أرضِهم ومُمتلكاتِهم حتى يومِنا هذا.
القضية الفلسطينية (The Palestinian war):
لا تزال الأراضي الفلسطينية تئن إلى يومِنا هذا ، فلا تزال تُنْهُب الأراضي العربية من قِبل الإحتلال الصهيوني ، ولا تزالُ تُنتُهك حُرمة المساجِدْ ، وتُسفك الدماء ، وتُقتَّلْ الأطفال ، وتُرَّمَّل النساء إلى الآن.
وقد خاض العرب حروبًا عديدة في سبيل الحرية ، وقامت الثورات والإنتفاضات الكُبرى ، بل إن الدول الأوروبية لم يكفِهم بأنهم قسمّوا الدول العربية بل قاموا بتقسيم فلسطين عام 1948 م من أجل إنشاء حدود دولة يهودية صهيونية بدعوى السلام والأمن في المنطقة ، وكان ذلك الأمر بِحق هو بمثابة النكبة العربية الكبرى.
ومِنْ أجلّ تشتُت الصف العربي الفلسطيني بصورة أوضح تم تفتيت الصفّ الفلسطيني بإنشاء وزرع نِزاعات عديدة بين الفصائلْ الفلسطينية المُختلفة حتى لا تجتمِعْ كلمتِهم في مُجابهة عدوهم الأوحد الصهيوني الذي يسرِقْ قوتَ يومِهم ، بل إنهُ قد تمَّ عقد اتفاقية “أوسلو” عبر أحدّ الفصائل التي قد انشقّت كلمتِها عن الصف الفلسطيني الموّحد وهي مُنظمة جبهة التحرير الفلسطينية برئاسة “ياسر عرفات” آنذاك عام 1993 م ؛ وبموجب هذا الاتفاق قد اعترفت فيه مُنظمة التحرير بحق قيام دولة يهودية على الأراضي الفلسطينية ؛ وأن تعيش كِلا الدولتين في سلامٍ وأمنٍ جديد ، وما فعل هذا الاتفاق شيئًا إلا أنّهُ حطَّ من سُبُل المُقاومة ، وأضعف ميثاق وعُرى القضية الفلسطينية العربية.
وخِتامًا : فلسطين حتى لا تكون أندُلسًا أخرى تحت وطأة سرطانية الإحتلال الذي إمّا يقتُل أو يُهجِّر الناس من أراضيهم وبُيوتِهم تحت مذهب عنصري هدفُه اقتلاع اللسان العربي سواءًا كان إسلاميًا أو مسيحيًا و وضع العُنصر اليهودي مكانُه كما فعل نصارى الإسبان قديمًا بالأندلُسيين سواءًا كانوا من مُسلمين أو يهود ؛ فَـ يَجِبْ على الأمة الإسلامية اعتبار أن القضية الفلسطينية هي القضية العربية الأولى للمُسلمين في كافّة أنحاء العالم . كيف لا ؟
وهي أرض أولى القِبلتيّن وثالث الحرمين ، ومهما تكلّمت عن القضية الفلسطينية هنا لن تكفي كلماتِي ولن تسعني سُطوري القليلة لأكتب عن نِضال الفلسطينيين في سبيل الحُرية والإستقلال ، وإن كُنتُ أرى بصيصًا من الأمل في اجتماع كلمة غالبية الفصائِل الفلسطينية اليوم ؛ فإنِي لا أزال أؤمِن بِـ أن تجتمع الأمُة الإسلامية على كلمة واحدة بعد أن تفرّقت جماعاتٍ شتّى تصديقًا لميثاقِ اللهِ تعالى وإعلاءًا لكلمتِه ؛ ألا إن نصر اللهِ آتٍ ، ألا إن وعدَ اللهِ قريب.