أخرى

الميول العدوانية لدى المراهقين

Adolescents Tendency to Aggressivity

(الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعفٍ قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفًا وشيبة يخلُقُ ما يشاء وهو العليمُ القدير) [الآية 54 – سورة الروم]  ، فالضعف الذي خلقه الله في رحم الأم يحتاج إلى بناء وتقويم حتى تهديه رحلة حياته إلى الصراط المستقيم ، فعندما يخرج الطفل للحياة على الأرض لا يفقه شيئًا يضع به الوالدين اللبنات الأساسية في تكوين شخصيته من خلال الذاكرة الفوتوغرافية لدى الطفل فهو يُقَلِدْ السلوكيات الشعورية وأقوال وأفعال البيئة المحيطة به خلال الست سنوات الأولى من حياته ويقع العاتق الأكبر في هذه المرحلة الهامة على الوالدين فقط ، ثم تأتي مرحلة الإرشادات وتقويم الأفعال والسلوكيات حتى عُمْرْ الخمسة عشر تقريبًا أي مرحلة بداية المراهقة.

ومرحلة المراهقة هي الفترة الزمنية التي بين نهاية مرحلة الطفولة وبداية مرحلة الشباب وهي مرحلة يكون العمل فيها بناءًا على السلوكيات الإيجابية والسلبية التي تشكلت في مرحلة الطفولة ، وهي مرحلة فيها الفرد يقترب من اكتمال النضوج الجسدي والنفسي والعقلي والاجتماعي ، وخلال تلك الفترة يجب التعامل مع نفسية المراهق في البيئة المدرسية بحذر شديد من خلال اندماجه في الأنشطة المدرسية المختلفة وذلك لتنمية نشاطه في المحيط الاجتماعي باعتباره شخص سوي من أفراد المجتمع ؛ ويجب على الوالدين التعامل بحذر كذلك مثل تجنب الأساليب التي لا يستجيب لها وتجنب أسلوب المعايرة مع الأقران كمثال.

المراهقين-1
المراهقين-1
  • الغضب والميول العدوانية ( Anger and aggressive tendencies):

هو الاستجابة التي تعقب الإحباط ويكون الهدف منها إلحاق الأذى بالشخص نفسه أو بفرد آخر عن طريق حالة من الهيجان العاطفي والانفعالي يشعر معها الإنسان بثورة عارمة تجتاح كيانه ومشاعره وينعكس هذا الشعور في  سلوكيات وأفعال تتسم بالعدوانية وغير مقبولة إجتماعيًا وأخلاقيًا وربما قانونيًا وينتج عن ذلك آثار سيئة وندم يشعر به المراهق عندما تهدأ مشاعره وانفعالاته.

المرهقيين-2
المرهقيين-2

أشكال العدوان لدى المراهقين ( Forms of aggression in adolescents):

  1. العدوان التعبيري الإشاري.
  2. العدوان المباشر.
  3. العدوان غير المباشر.
  4. العدوان نحو الذات.
  5. العدوان اللفظي.
  6. العدوان الجسدي باستخدام العنف.
  7. العدوان الجمعي.
  8. العدوان الفردي.
المراهقيين-3
المراهقيين-3

مظاهر الميول العدوانية عند المراهقين ( Adolescents aggressive tendencies signs):

  1. الانحلال الأخلاقي : فقد يلجأ المراهق إلى إلحاق الأذى بنفسه عن طريق السرقة أو الكذب أو التدخين أو تعاطي المخدرات.
  2. التمرد على المجتمع : وذلك بالتمرد على العادات والسلوكيات والقيم المجتمعية فيلحق المراهق الأذى بنفسه وبالآخرين في البيئة المحيطة به.
  3. كبت المشاعر : فقد لا يتمكن المراهق من التعبير عن نفسه وذلك يؤدي به إلى كبت مشاعر الغضب والحقد والكراهية ضد من تسبب له في ذلك وضد الموضوع الذي أغضبه.
  4. الغضب الكاذب : كوسيلة هجوم وذلك بهدف تحاشى غضب المراهق أو التنازل عن معاقبته ، وبه يجعل من حوله ينزلون عند رغباته أو يسايرونه عليها.
  5. الإيذاء اللفظي : باعتداء المراهق الغاضب على الآخرين بالسب والشتائم وتوجيه الإهانات.
  6. الإيذاء البدني : وذلك باتباع سلوكيات عدوانية على الآخرين من خلال الضرب والإيذاء الجسدي.
  7. الكذب : يستخدم المراهق عادة الكذب للإنتقام ممن أغضبه خاصة إذا امتزج شعور الغضب لديه بالغيرة من شخص ما فإذا كان المراهق لا يستطيع إلحاق الأذى بذلك الشخص بشكل مباشر فينتقم منه مثلًا بتلفيق بعض التهم إلى ذلك الشخص أو التحدث عن من آذاه بطريقة تؤذي صورة ذلك الشخص في المجتمع.
  8. الهروب من المدرسة : فقد يشعر المراهق بالكبت والضيق من معلميه ومن اتباع النظم والقوانين المدرسية فتكون ردة فعله بالهروب وهذا من السلوكيات غير المباشرة في الميول العدوانية.
  9. الخروج من المنزل : يحدث عندما يشعر المراهق بأن أسرته في المنزل يقيدون تصرفاته ورغبات ويحددون حركته فيخرج من المنزل بدافع التمرد والاستقلال والحصول على الحرية على تصرفاته وهذا من السلوكيات الشائعة لدى المراهقين.
  10. تحطيم وتكسير الأشياء : وذلك يحدث عند شعور المراهق بالعجز والضعف عن من أثار غضبه فيصب غضبه على كل ما حوله من مقتنيات فيقوم بتحطيمها وتكسيرها.
المراهقيين-4
المراهقيين-4

الأسباب الإجتماعية التي تؤدي إلى الميول العدوانية لدى المراهقين ( Social causes that lead to aggressive tendencies in adolescents):

وهي من الأشياء التي تنتج من خلط المفاهيم في الأعراف المجتمعية والرغبة في الخروج عن المُتعَارف عليه في المجتمع ، وقد يحدث ذلك بشدة إذا كان مكان تعليم المراهق في بيئة ومجتمع غير بيئته الأصلية ؛ فينبهر بما هو ليس من أعرافه وتقاليده ويرغب في التمرد على تقاليد وضوابط مجتمعه الأصلي ، ويسهل اكتشاف الأسباب الاجتماعية للميول العدوانية عن طريق أقران المراهق و البيئة المدرسية الخاصة به ؛ ومن تلك الأسباب الاجتماعية :-

  1. لفت الانتباه : وذلك لإشعار الآخرين بوجودهم من حولهم ومدى تأثيرهم عليهم.
  2. التقليد : عادة ما يتخذ المراهق من شخص ما كقدوة له في مرحلة الطفولة مثل أبيه أو أخيه أونجمه المفضل في هوايته ؛ فيكتسب الطفل سلوكيات صاحب القدوة لاإراديًا من الشعور بالغضب والسعادة والفرح والحزن وغير ذلك ثم تصبح تلك السلوكيات من سلوكياته الخاصة إذا بلغ مرحلة المراهقة.
  3. معاملة المراهق بمعاملة مرحلة الطفولة : عن طريق إحاطته بشتى الأوامر والإرشادات المقيدة لتصرفاته وسلوكياته فيشعر بالتقليل من شأنه كأنه طفل لا يعرف ماذا يفعل فيلجأ إلى بعضًا من الميول العدوانية لفرض رأيه وإجبار الآخرين على النظر إليه كشخص بالغ.
  4. عند مرور المراهق بمعاملة سيئة أيًا كان نوعها سواءًا في التعامل العاطفي أو الجسدي يصل المراهق إلى حالة من الإحباط يعبر عنها بالميول العدوانية.
  5. عندما يكون الجو الأسري في بيئة المراهق المحيطة به مليء بالمشاكل مثل المشاكل المالية أو انفصال الوالدين أو التخلي عن أحد الوالدين أو أمراض خطيرة لدى أحد أفراد الأسرة أو فقدان أحد أفراد الأسرة أو النزاعات العائلية المستمرة.
  6. التدخل في شؤون المراهق : دائمًا ما يرغب المراهق بالاستقلال والحرية في تصرفاته وتقرير شؤونه الخاصة فالتدخلات في شؤونه يعتبرها انتقاصًا من شأنه.
  7. تلقي بعض المراهقين التعليم دون وضع قيود ، فقد يتعلم المراهق أشياءًا لا يجب عليه أن يتعلمها في سنه تجعل سلوكه يتسم بالعدائية والعدوانية.
  8. الغيرة : هي شعور سئ يعمل على تنمية مشاعر الحقد والكره وضعف الثقة بالنفس وتترتب عليه آثار إيذاء لفظي أو جسدي من المراهق على من حوله.
  9. استخدام الكحول أو المخدرات يساهم بشكل كبير في تكوين وتطوير الميول العدوانية لدى المراهق.
  10. ميل أحد الوالدين أو كلاهما إلى العدوان : فينمي ذلك السلوك العدواني لدى المراهق خاصة إن كان اتخذ من الوالدين قدوة له.
  11. عندما لا يُمارس الآباء والأمهات سلطتهم على أبنائهم ويتسامحون بشدة مع أبنائهم على كل شئ يقومون بفعله حينها يتبنى الأبناء مواقف عدوانية في شخصياتهم.
المراهقيين-5
المراهقيين-5

الأسباب النفسية التي تؤدي إلى الميول العدوانية لدى المراهقين ( Psychological causes that lead to aggressive tendencies in adolescents ):

أسوأ ما يتسبب في أي من اضطرابات الشخصية هي الأسباب النفسية ، فهي لا يتم تشخيصها باكرًا مثل الأسباب الاجتماعية ولا يتمكن الآباء والمعلمون من استنباطها من سلوكيات المراهق إلا بعد مرور فترة من الزمن قد يستخرجها حينها الطبيب النفسي المعالج ، وقد يسهل تكوين فكرة مبدئية عن الاضطراب النفسي الذي أدى إلى تلك العدوانية وذلك إن كانت شخصية القدوة للمراهق من داخل أسرته ؛ فهو يتخذ الشخص القدوة صديقًا وفيًا له وكاتمًا لأسراره ، ومن أبرز تلك الأسباب النفسية التي تجعل صاحبها يميل إلى العدوانية :-

  1. الحرمان : من تحقيق الرغبات أو من الإستقلال في الرأي أو القرار أو من حرية التفكير والتصرف في الشؤون الخاصة فينمي كل ذلك الشعور بالعدوانية لدى المراهق.
  2. عدم الثقة بالنفس والشعور بالنقص : فيشعر المراهق أنه بغضبه وسلوكه العدواني يخيف الآخرين ويجبرهم على احترامه.
  3. الإحباط : يرى المراهق أنه عاجز عما أوكل إليه فيشعر حينها بالفشل وعدم تحقيق الأهداف فيلجأ إلى الميول العدوانية والغضب للهروب من الفشل.
  4. عندما يمتلك المراهقون سلوكيات سيئة فيملأهم الشعور بالرفض من قبل أقرانهم وأفراد المجتمع حينها يتم تطوير سلوكيات عدوانية لديهم كآليات دفاع عن النفس وذلك بإيقاظ المشاعر السلبية في نفسية المراهق من الحزن والإحباط.
  5. كبت مشاعر الضيق : وذلك عن طريق كتمان الشعور الناتج عن كافة مواقف الإحباط التي يتعرض لها الشخص فيؤدي ذلك إلى خروج تلك المشاعر على فترات متباعدة على شكل نوبات عصبية حادة.
  6. الشعور بالظلم والاضطهاد : وذلك عندما يرى المراهق بأنه ما من أحد يفهم أفكاره ويملأه الشهور بأن كل من في البيئة المحيطة من حوله يسخرون منه ويتآمرون عليه وأنهم يقفون حائلًا بينه وبين تحقيق أحلامه.
  7. وجود بعض الأمراض النفسية أو الجسدية التي من الممكن أن تؤدي إلى تطوير سلوكيات عدوانية مثل : الاكتئاب والصرع وانفصام الشخصية والتخلف العقلي.
المراهقيين 6
المراهقيين 6

الأسباب البيولوجية التي تؤدي إلى الميول العدوانية لدى المراهقين ( Biological causes that lead to aggressive tendencies in adolescents):

  1. الاضطرابات التي تنتج عن التغيرات في الإفرازات الهرمونية : فينعكس ذلك على الطبيعة النفسية للمراهقين من خلال ما يواجهونه من ظروف في تلك المرحلة.
  2. تغيرات الجسم والنمو المتسارع : فيجعل ذلك المراهق أحيانًا حاد الطباع واتسام سلوكه بالغضب السريع الانفعالي والعدوانية.
  3. النضوج الجنسي : يتولد منه عند المراهق شعور دائم بالتوتر مما يؤدي إلى سلوكيات انفعالية عدوانية وضيق عام.
  4. التغيرات الصوتية : فالمراهق من الذكور عندما يلاحظ خشونة الصوت لديه قد يستخدمه في سلوك عدائي عدواني كتقليد لأحد أفراد أسرته أو معلمه أو أقرانه في المدرسة.
المراهقيين-7
المراهقيين-7

الآثار المترتبة على الميول العدوانية لدى المراهقين ( The effects of aggressive tendencies in adolescents):

  1. العناد وافتعال الغضب بأسلوب مباشر : فعندما يحصل المراهق على ما يريد بهذا الشكل ؛ يكرر حينها نفس الأسلوب للحصول على النتائج المرغوبة.
  2. سوء العلاقات : وينتج عن ذلك عدم القدرة على بناء علاقات طبيعية مع الآخرين أو عدم الاندماج الاجتماعي والانعزال التام عن المحيط الاجتماعي وافتعال المشاكل مع الأقران.
  3. التراجع الدراسي : وذلك يحدث بسبب عدم قدرته على الاندماج في المجتمع المدرسي فلا يتحمل أوقات التدريس والقيام بالواجبات المنزلية.
المراهقيين-8
المراهقيين-8

أفضل سُبُلْ العلاج والوقاية من الميول العدوانية لدى المراهقين ( The best ways to treat and prevent aggressive tendencies in adolescents):

  1. يجب العمل بالمشاركة على إدارة مشاعر الشعور بالعدوانية للمراهق من خلال تغير الأسلوب فنحن نعرف مثلًا الأسلوب الذي يزعجه فنغيِّر منه.
  2. يجب تعويد المراهق أن يكون صبورًا ويعمل على إدارة تلك المشاعر السلبية لديه.
  3. يجب أن يُتْرَك للمراهق بعضًا من الحرية في قراراته وخياراته فيتحمل جزءًا من المسؤولية عن نفسه كي لا يشعر أنه محاصر بالأوامر والإرشادات دومًا.
  4. ممارسة تمارين التنفس والاسترخاء وتكرارها باستمرار وذلك لتقليل حدة التوتر والتخفيف من مشاعر الغضب والميول العدوانية لدى المراهق.
  5. لا يجوز استخدام أسلوب القمع والكبت مع مشاعر المراهق السلبية فهذا يؤدي إلى فقدان الثقة بالنفس والشعور بالضعف.
  6. المشاعر السلبية لدى المراهقين لا تحتاج إلى القلق من الأهل ما دامت ضمن حدودها الطبيعية.
  7. يجب أن يتعلم المراهق المهارات اللازمة للتفكير وحل المشكلات و المعضلات التي تقابله بطريقة سليمة بدلًا من الميل إلى الأساليب العدوانية ، واللجوء كذلك إلى آليات العلاج المعرفي وذلك عن طريق تحسين معتقدات المراهق بنفسه وبالآخرين.
  8. يجب تعبئة وقت الفراغ لتفريغ الطاقات والشحنات الانفعالية والسلبية لدى المراهق في بعض الهوايات المحببة لديه ؛ مثل ممارسة رياضة يحبها أو القيام ببعض الأنشطة المفضلة لديه كالرسم أو القراءة مثلًا.
  9. عند استخدام المراهق الأسلوب العدواني لا يجوز مسايرة غضبه إلى حد الامتثال حتى لا يتصرف بانتهازية ويعيد التكرار أمام كل ما وقف حائلًا دون رغباته.
  10. يجب العمل على توفير الجو العائلي الهادئ في بيئة المراهق.
  11. يحب حل مشكلات الأسرة بعيدًا عن المراهق وذلك تجنبًا لتقليده لبعض المظاهر العصبية.
  12. تقديم الدعم الايجابي للمراهق في تصرفاته الايجابية.
  13. تجنب معايرة المراهق أو دفعه للمعاندة أو الاستفزاز بالخطأ أو الفشل الذي تسبب به.
  14. تحسين مهارات التواصل في المجتمع لدى المراهق لتجنب السلوك العدواني.
  15. العمل على إزالة مصادر التوتر والقلق وحل الصراعات عبر تصحيح مفهوم الذات عند المراهق.
  16. الاستفادة من الطاقة العدوانية لدى الطلاب عبر قيامهم بالأنشطة المختلفة المحببة لديهم في المدرسة وذلك عن طريق توفير تلك المعلومات التربوية للمعلمين.
  17. هناك بعض الاضطرابات العدوانية تكون بناءًا على بعد نفسي مرضي وقد تكون الاضطرابات وراثية أو غير وراثية وذلك يستلزم علاجها بالأدوية اللازمة والذهاب إلى الطبيب المختص بالأمراض النفسية.
المراهقيين-9
المراهقيين-9

ختامًا مرحلة المراهقة هي مرحلة عنق الزجاجة في تكوين شخصية سوية تساهم في بناء مجتمع صحي مسالم ، فإذا عبر الطفل من مرحلة المراهقة إلى مرحلة الشباب بمهارات تفكير صحية سليمة حينها تكون حياته تم تهيئتها على لبنات وأسس قويمة لا تتزعزع أبدًا لأن غالبًا الأفكار المترسبة عن نهاية مرحلة المراهقة في ذهن وعقل الشاب تُلازِمهُ طوال حياته.

المراهقيين-10
المراهقيين-10

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى