في بداية الأمر إن الحديث عن اليوتيوب قد يتطلب كتابة مجلدات و لن تتسع أي مقالة أياً كان طولها للالمام بكل جوانب الأمر من جميع نواحيه و لكن هنا سأحاول تسليط الضوء على كل ما قد يهم القراء و هم بطبيعة الحال من رواد ومستخدمي اليوتيوب بشكل يومي.
سنتطرق هنا لجوانب بعضها قد يبدو مدهشا و بعضها مزعجا و البعض الآخر قد يبدو مضحكا.. و هنا تحديدا سأحاول تسليط الضوء على الأمر الذي يميز اليوتيوب عن غيره من وسائل العرض التكنولوجية و نستعرض بعض الحقائق عن اليوتيوب بالاضافة إلي الحديث عن اليوتيوب كمصدر رزق لكثير من صناع المحتوى و أيضا سنخاطب مستخدمي اليوتيوب العاديين و ليسوا من صناع المحتوى لذلك أيا كانت طريقة استخدامك اليوتيوب فحتماً ستجد هنا ما يعنيك بشكل أو بأخر.
كيف يعرف اليوتيوب نفسه ؟ ( What Youtube tells us about itself ):
هل قمت مرة بالإطلاع على موقع اليويتوب ؟! .. لا لا أنا لا أقصد هذه الصفحة المليئة بالفيديوات المتتالية و إنما أقصد الصفحة الرئيسية التي تضمن تعريفاً لليوتيوب و التي تخبرك بالهدف الأساسي منه ، – على أي حال – لا أظن أن سبق لك الإطلاع عليها لذلك دعني اخبرك بما فيها:
“Our mission is to give everyone a voice and show them the world”
مهمتنا هى إعطاء كل الناس أصواتاً و أن نعرض لهم العالم..
We believe that everyone deserves to have a voice, and that the world is a better place when we listen, share and build community through our stories.
نحن نؤمن أن كل شخص يستحق أن يكون له صوتاً و أن العالم سيكون أفضل إذا كنا نجيد الإستماع و المشاركة و بناء مجتمعاً من الأفكار و القصص..
Our values are based on four essential freedoms that define who we are.
قيمنا مبنية على أربع حريات و التي تعرف من نحن ؟!
1. Freedom of Expression ( حرية التعبير ).
We believe people should be able to speak freely, share opinions, foster open dialogue, and that creative freedom leads to new voices, formats and possibilities.
نحن نؤمن أن الناس يجب أن تكون لديهم القدرة على التحدث بحرية و مشاركة آراءهم و تعزيز فتح الحوارات الجماعية و أن هذه الأصوات المبدعة هى التي تقود إلى سماع آراء جديدة مختلفة الإمكانيات و الأشكال.
2. Freedom of Information ( حرية المعلومات ).
We believe everyone should have easy, open access to information and that video is a powerful force for education, building understanding, and documenting world events, big and small.
نحن نؤمن أن جميع الناس يجب أن يكون لديهم إمكانية الوصول إلى المعلومات بسهولة و أن هذه الفيديوهات هى أداة قوية جداً للتعليم و البناء و الفهم و توثيق الأحداث الكبيرة و الصغيرة التي تحدث في هذا العالم.
3. Freedom of Opportunity ( حرية الفرصة ).
We believe everyone should have a chance to be discovered, build a business and succeed on their own terms, and that people—not gatekeepers—decide what’s popular.
نحن نؤمن أن كل الأفراد يجب أن يحصلوا على فرصة حتى يتم اكتشافهم و أن يتمكنوا من بناء أعمالهم الحرة الخاصة بهم و ينجحوا فيها وفقاً لمعاييرهم الشخصية و هؤلاء الناس أيضا هم من يقررون من يصبح مشهوراً.
4. Freedom to Belong ( حرية الإنتماء ).
We believe everyone should be able to find communities of support, break down barriers, transcend borders and come together around shared interests and passions.
نحن نؤمن أن كل الأفراد يجب أن يكونوا قادرين على إيجاد المجتمع الذي يدعمونه و أن يكونوا قادرين على كسر الحواجز و تجاوز الحدود و أن يكونوا قادرين على الاجتماع حول آرائهم و طموحاتهم المشتركة.
هذه الشعارات و الأوصاف الرنانة المفعمة بجميع أنواع الحريات هى في الحقيقة كانت الهدف الرئيسي من إنشاء منصة اليوتيوب التي نستخدمها كل يوم لخدمة أهدافنا و أهواءنا الشخصية..
- إذا لماذا اليوتيوب ؟! ( !? Why we are talking about youtube ):
إذا تساءلت عزيزي القارئ عن سبب الحديث بشكل خاص عن اليوتيوب و ليس أي منصة أخرى فحتماً سيكون الجواب لأن اليوتيوب ليس كأي منصة أخرى، فـ اليوتيوب أصبح اليوم أكبر وسيلة لضخ المادة المصورة في جميع أنحاء العالم و قد تخطى في هذا التلفاز من عدة جوانب ، فـ اليوتيوب يمكنك من اختيار المحتوى الذي تريده بـ أقل نسبة إعلانات ممكنة هذا مع وجود إمكانية التخلص من الإعلانات بشكل نهائي عن طريق دفع رسوم شهرية مقابل راحتك الشخصية و أيضاً من الناحية الإقتصادية فـ العائد الربحي من اليوتيوب على اقتصاد الدول يضاهي العائد الربحي من التلفاز و من ناحية القيود و الإنضباط في المعروض فـ التلفاز يتعرض لكثير من الفلترة قبل عرض أي محتوى حيث هناك لجان رقابية في معظم البلدان تحول دون نشر العديد من المشاهد و المواضيع في حين أن اليوتيوب كما ذكر صناعه مبني على حرية النشر و بالتالي فإنه لا يوجد قيود رقابية تحول دون عرض أي محتوى إلا إذا كان يتضمن ما يخالف القانون فقط و ليس الأعراف، أما من ناحية الجمهور و المتابعين فإن أغلب من يتم تعيينهم للحديث على شاشة التلفاز يكونون أكبر سناً من من يتصدرون الحديث على اليوتيوب و بالتالي فإن جمهورهم الأكبر ينتمون لنفس الطائفة العمرية و بالتالي فقد يبدو التلفاز حالياً ممل جداً لدى الأطفال و الشباب و لكنه لا يزال ذا قيمة لدى الآباء و الأمهات و أيضاً من الناحية التعليمية فـ التلفاز أيضاً قد يشترط مستوى تعليمي معين للمتقدمين الراغبين في الظهور على التلفاز في حين أن اليوتيوب كما ذكرنا يعطي الجميع الحق في الظهور دون إعطاء أولوية لأحد عن أحد و طائفة عن طائفة و هو ما فتح المجال لملايين المستخدمين الذين يرغبون في الشهرة بغض النظر عن ما يقدمونه… ومن هنا تظهر أهمية الحديث عن اليوتيوب فـ انتشاره بهذا الشكل حتماً سيكون السبب الرئيسي فيه هو مدى تأثيره على العالم بشكل لا يمكن لأحد تصوره على الإطلاق مما يفرض علينا الإنتباه لتأثيره و يجبرنا على الحديث عنه.
حقائق عن اليوتيوب ( Facts about youtube ):
بعض الحقائق عن اليوتيوب قد تكون مدهشة و بعضها الآخر قد يكون محزناً للبعض و هنا بعض الحقائق عن اليوتيوب التي تم رصدها في شهر أبريل من عام 2019:
- يتم مشاهدة واحد بليون ساعة يومياً من اليوتيوب اي 1000 مليون ساعة!
- اليوتيوب هو ثاني أكثر موقع يتم زيارته يومياً على مستوى العالم.. أظن أنه باستطاعتك عزيزي القارئ تخمين ما هو الموقع الأول
- يجذب اليوتيوب حوالي 44% من إجمالي مستخدمي الإنترنت في العالم.
- يستغل اليوتيوب مساحة 37% من استخدام بيانات الإنترنت في معظم الهواتف الذكية.
- 70% من ما يشاهده الناس يومياً على اليوتيوب كان مبني على خوارزميات البحث و الترشيح في يوتيوب.
- تم وضع أول فيديو على اليوتيوب في عام 2005 و تم تصويره من داخل حديقة الحيوان في سان ديجو “San Diego”
- من نتائج الإحصائيات يُتَوقع أنه بالوصول إلى عام 2025 سيكون 50% من مشاهدي اليوتيوب الذين هم تحت سن ال 32 لا يدفعون أي شئ مقابل خصائص الرفاهية في يوتيوب.
- 60% من الناس يفضلون اليوتيوب عن التلفاز.
- . 20% من الناس يقومون بإغلاق الفيديو في أول دقيقتين إذا لم تكن أول 10 ثواني من الفيديو مرضية بالنسبة لهم.
- يوفر اليوتيوب مكاناً مجانياً في لوس أنجلوس “Los Angeles” لأي شخص يتخطى عدد المشتركين في قناته 10 ألاف مشترك أو أكثر.
- حتى أبريل من 2019 كان يوجد في اليوتيوب أكثر من 31 مليون قناة.
- من بين أشهر الفيديوهات التي تم عرضها على اليوتيوب عالمياَ هى “Despacito” و “Gangnam Style” و “Waka Waka”.
- حصل فيديو “Baby” لـ “Justin Bieber” على 11 مليون “لم يعجبني” على اليوتيوب و هو أكبر عدد لـ زر “لم يعجبني” حتى عام 2019.
- 60% من أكثر الفيديوهات مشاهدة حول العالم لا يمكن عرضها في ألمانيا.
- أكثر قنوات اليوتيوب شهرة حول العالم تحتوي على 126 مليون مشترك فأكثر.
- اليوتيوب كمصدر رزق ( Youtube as a job ):
هل تساءلت يوماً كيف يتمكن اليوتيوب من دفع رواتب ملايين الناس حول العالم بمختلف أماكنهم و دولهم، هل تساءلت من أين يحصل اليوتيوب أصلاً على الأموال لأعمال الإدارة و الصيانة و لدفع رواتب موظفيه ؟!
حسناً.. الإجابة هى الإعلانات فـ إعلانات اليوتيوب هى واحدة من أضخم وسائل ضخ الأموال في اليوتيوب و في التلفاز و في أي موقع آخر من مواقع التواصل الإجتماعي فما إن ترى الشركات الكبيرة أشخاص مؤثرين في المجتمع و لديهم الآلاف أو الملايين من المشتركين حتى تبدأ الشركات بالاتفاق معهم لعرض دعايات لمنتجاتها الخاصة من خلال مشاهير مواقع التواصل الإجتماعي حول العالم أو من خلال المواقع نفسها مثل يوتيوب و فيسبوك و غيرهم.
وبالتالي فإن اليوتيوب يحصل على الأموال من خلال الإعلانات و أما أنت كـ صاحب قناة في اليوتيوب فأنت تحصل على أموالك من خلال شركة اليوتيوب كأنك موظف عادي جداً، و بالتالي أصبح اليوتيوب مهنة من لا مهنة له بغض النظر عن مستواك التعليمي و خبراتك في الحياة فكل ما تحتاج إليه هو هاتف ذكي لكي تبدأ بالتصوير و رفع فيديوهاتك على اليوتيوب أياً كان محتواها و أيا كان هدفك منها و أياً كان عمرك فـقط بالتحلي بالصبر اللازم و قليل من المثابرة يمكن لك أن تصبح مليونيراً بين عشية و ضحاها!
أصبح اليوم هناك فرق واضح جدا واختلاف كبير بين الأجيال للحد الذي يمكن فيه لشاب أن يتقدم لخطبة فتاة و يذهب للقاء والدها وعندما يسأله والدها عن عمله يقول الشاب بملئ فيه وبمنتهى الفخر أنا “يوتيوبر” في حين أن ردة فعل والد العروس غالباً ما يكون سلبي فإما أن تتغير ملامح وجهه و إما أن يبدأ بطرح أسئلة استنكارية مثل هل هذا نوع جديد من الدراسة؟! أو هل تخرجت من كلية لا نعرفها ؟! أو ما هى مؤهلاتك العلمية لتصبح “يوتيوبر” ؟! وغيره.
- كوارث يوتيوبية ( Youtube disasters ):
لأن اليوتيوب بيئة حرة تماماً كما ذكرنا فقد أصبح بالضرورة بيئة خصبة جدا لضعاف النفوس وعديمي المبادئ و الذين هم على استعداد لفعل أي شئ مقابل المال بما في ذلك عرض المواد الإباحية أو المقالب السخيفة التي عادة ما يتفق كل الأطراف على تفاصيلها قبل تصويرها و التي تنتج عن مشهد يستخف بعقل المشاهد و كأنه لن يدرك أن المشهد كله كان مكتوباً من الأساس. و بما في ذلك أيضاً تصوير الفيديوهات التي تؤثر بالسلب على نفوس المشاهدين و من بينها فيدوهات تحديات الطعام فمثلاً تجد معظم من يفعلون هذه التحديات يقومون بشراء كميات كبيرة جداً من الأطعمة المختلفة أو يقومون بشراء قائمة طعام كاملة لأي مطعم و يتنافسون في عدد السعرات الحرارية التي يستطيعون تناولها في وجبة واحدة بينما يتسولون الإعجابات (اللايكات) و المشاهدات و الإشتراكات من متابعيهم والذين منهم من لا يستطيع شراء دجاجة في اليوم أو حتى طلب واحد من قائمة هذه المطاعم و الجدير بالذكر أن معظم من يقومون بعمل هذه التحديات يتبعون حميات غذائية معينة و يمارسون الرياضة بشكل دوري حتى يحافظون على أجسامهم و لكن المشاهدين و خاصة الأطفال لا يدركون هذا ما يجعل من الصعب جدا بالنسبة للأطفال أن يقتنعوا أن تناول الطعام بهذه الكميات ضار جداً و ترى أنهم يقولون لو كان ضاراً فلماذا يأكل فلان الفلاني المشهور كل هذه الكمية و هو بخير و ذو جسم رياضي.
- مستخدمي اليوتيوب و ليسوا من صناع المحتوى ( Youtube users and not the content creators ):
هناك اعتقاد شائع جدا بين الناس و هو أن معظم الناس يظنون أن عدد مشاهدي اليوتيوب أكثر من عدد الناس الذين يقومون برفع الفيديوهات على اليوتيوب فـ إذا كنت تظن ذلك؟ فأنت محق! 🙂 فكل الإحصائيات القريبة تقول أن المشاهدين يتراوح عددهم ل 5 مليار و عارضي المحتوى يتراوح عددهم لحوالي 50 مليون على مستوى العالم و لكن كون المشاهدين أكثر من عارضين المحتوى فهذا لا يعفيهم من المسؤولية حيال ما يشاهدونه و هنا سأحاول توجيه بعض الرسائل لمشاهدي اليوتيوب على أمل أن تكون ذا نفع لقرائها..
عزيزي المشاهد: اعلم انك السبب وراء شهرة العديد من الناس الذين لا يستحقون هذه الشهرة و أنك بمشاهدتك فيديوهاتهم تساهم في شهرتهم و دعمهم حتى لو لم تكن مشتركاً في قنواتهم أو لم تدعمهم بـ إعجاباتك أو إشتراكك على قنواتهم فالمال يصل إليهم عن طريق عدد المشاهدات التي تصنعها أنت لذا أرجوك توقف عن جعلهم مشهورين و توقف عن الحديث او الكتابة عنهم و توقف عن إعطاءهم الحق للتحدث في حياة العامة.
عزيزي المشاهد: لا تستغل جلوسك خلف شاشتك لتكتب السباب و الشتائم لكل من لا يعجبك و كأنك مسؤول عنهم فـ اختبائك خلف شاشتك لن يعفيك من الذنب أمام الله و ستسأل عن كل ما كتبته يداك سواء كتبته تحت اسمك الشخصي أو تخفيت خلف اسم مستعار فحتى إن استطعت التخفي من الناس و من القانون فلن تستطيع التخفي من الملكين “رقيب” و “عتيد”..
عزيزي المشاهد: لا تسارع بالبحث عن فيديوهات فضائح الناس و اعلم أن من تتبع عورات الناس تتبع الله عوراته و أن من ستر مسلما ستره الله و اعلم أن من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه.
عزيزي المشاهد: إذا رأيت ما يعجبك في الناس في حياتهم فاسأل الله مثله و لا تحسدهم أو تحقد عليهم لأن من أعطاهم قادر على إعطائك دون أن ينقص من عطاياهم شيئاً و أعلم أن الحسد يأكل في حسناتك كما تأكل النار الهشيم و أنك إن وقفت أمام الله وقد حسدت عباده و نفذت حسناتك فإنه يؤخذ من سيئاتهم و يضاف إلى سيئاتك لتلقى الله بجبال من السيئات ولا ليس معك حسنة واحدة.
عزيزي المشاهد: تذكر دائماً أن خشية الله في السر تورث التقوى و أن التقوى تورث الجنة و تذكر أن من مراتب الإيمان أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فهو يراك..
- همسة في أذن صناع المحتوى ( A word for the content creators to bear in mind):
لكل من أخذ على عاتقه هذا الحمل و أقصد بالحمل هنا الشهرة و الأموال و المسؤولية..
تذكر أن كل ما تبثه على وسائل التواصل الإجتماعية باقٍ إلى الأبد حتى بعد وفاتك و إما أن تبقي أثراً طيباً يفيد الناس و إما أن تترك سيئات جارية إلى قيام الساعة فساهم في ترك أثر طيب مما يفيد الناس في حياتهم الإجتماعية أو العلمية أو الدينية.